الحلقة التاسعة
وقفنا المرة اللى فاتت وهما راجعين مبسوطين ومش عارفين هيحصل ليهم اية
هنشوف فى الحلقة دى اية اللى حصل
الليلة ليلة غير عادية ، ألا تعلم لماذا ؟ .... لأن الأستاذ (كرم ) سيأتى لزيارة العائلة اليوم
و لمن لا يعلم : الأستاذ كرم هو ابن عم الأستاذ ( عبده) و أخو زوجته ،
و خال الأولاد (طارق ) و ( وائل )
أما لماذا هو يوم غير عادى ، و لماذا الأسرة كلها تنتظر هذا اليوم من العام إلى العام ؟ فذلك لأسباب عدة :
أولها : أنه إنسان مهذب بشوش محترم كريم
ثانيها : أنه حينما يأتى من سفره يغدق عليهم بالهدايا
ثالثها : أنه يفك أزمة الأب بسداد ديونه
رابعها : أنه يحب أولاد أخته حباً جماً وكأنهم أولاده برغم صغر سنه النسبى ، فهم كل من تبقى له فى الدنيا بعد وفاة الوالدين
أما الأولاد فيعشقونه و يعتبرونه مثلاً أعلى لهم
و الأستاذ كرم حالياً ، فى الخامسة و الثلاثين من عمره ، محاسب ، يعمل فى شركة بترولية فى المملكة العربية
السعودية ، دخله منها محترم ، سافر من أربع سنوات و يبدو أنه استقر هناك .... مازال عزباً
أما هذه المرة فيبدو أنه قد تغير كثيراً حتى أنهم وجدوا صعوبة فى التعرف عليه لأول مرة
هناك لحية ، و رائحة المسك الجميلة تفوح من ملابسه ، و علامة السجود واضحة فى جبينه ، و النور يشع من ثناياه
.... و قد أصبح أكثر هدوءاً و سكينة
طبعاً كان هناك الكثير من القبل و الأحضان و البكاء من الحاجة (فتحية) ووحشتنا و طولت علينا المرة ، و ليك وحشة
يا راجل و غير ذلك مما سأوفره عليك ، و تعالى بنا ننتقل إلى غرفة المعيشة ونسمع ما يقولون
فتحية : وحشتنا يا كرم .... انت خاسس كدة ليه ؟ .. مبتاكلش؟
وائل : خاســس إيه ماما ده زاد النص
الوالد : ( يضحك ) ياد اسكت .... انت مسحوب من لسانك كده على طول
كرم : سيبه يا عبده .... ذنبه على جنبه
وائل : لايا خالى أنا باهزر
كرم : ( ينظر لطارق الساكت منذ جلسوا ) إيه يا طارق .... ساكت ليه ؟ ... مالك ؟ ... و لابس الطاقية فى البيت ليه
طارق : أبداً يا خال .... مأفور شوية
كرم : مأفور ؟ ... يعنى إيه ؟
طارق : يعنى مصدع شوية
كرم : تلاقى من الطاقية اللى كابسها على راسك دى .... اقلعها يا راجل
فيخلعها طارق بعد تردد ، فتبدو رأسه خضراء مضحكة ينبت فيها شعره بالكاد
كرم : ( مندهشاً ) إيه ده انت دخلت الجيش و لا إيه
وائل : لأ كان بيحج ... هاهاهاها
يظهر الحرج على وجه (طارق) ، فتنظر إليه الأم شذراً ، و يزجره الأب
الوالد : وائل !!! إتلم
فيفهم كرم أن هناك شيئاً غير عادى ، فيحاول تغيير مجرى الحوار فيلتفت إلى الأب
كرم : إيه يا ( عبده) ... أخبارك إيه ؟ و عملت إيه فى موضوع الـ .... إيه ده ؟
.... انت حلقت شنبك ... مش كده ؟
يضع ( عبده) يده على موضع شاربه و يحمر وجهه و يضحك ضحكة مصطنعة
الوالد : آه ... ها ها .... تغيير ... اصله طلع فيه كام شعره بيضاً خفت الناس تقول على كبرت ...ها ها
ترى الأم الحرج بادياً على وجه زوجها فتحاول تغيير دفة الحوار هى الأخرى
الأم : و بعدين معاك يا (كرم) .... مش حتتجوز بقى ؟
كرم : إن شاء الله ... مش حسافر المرة دى إلا و معايا العروسة
الأم : أيوة كدة .... عاوزين نفرح بقى ..... و عروستك عندى
كرم : الله المستعان ...
الوالد : ( ينظر لكرم ) إيه يا عم (كرم) .... إيه حكاية دقنك دى ..... انت حتستشيخ ولاَّ إيه ؟
كرم : أستشيخ ؟ ..... أنا سايب دقنى سُنَّة .
الأب : ( فى لهجة الناصح ) لا يا ( كرم) .... احلقها .... مش ناقصين مشاكل
كرم : ليه ؟ هى دقنى مضايقاك فى حاجة ؟
الأب : يا عم أنا عاوز مصلحتك .... في قلق فى البلد اليومين دول
كرم : ( ضاحكاً ) يا عم سيبها على الله
الأب : و بعدين انت داخل على جواز .... مين اللى حترضى بيك كدة و انت بقيت عامل زى الإرهابي ؟
كرم : إرهابى؟
الأب : آه .... شكلك بصراحة وحش فيها .... ضَلِّمت وشك كده و كبرتك
الأم : وحش إيه تف من بقك يا أبو طارق ... أخويا زى القمر
الأب : اسكتى يا فتحية انت مش عارفة حاجة
كرم يضحك لا حول و لا قوة إلابالله
وائل : بس تصدق برضه يا خال … انت لسة روش
كرم : ( يضحك ) ماشى يا عم وائل …. المهم أخبارك إيه فى الجامعة
الأب : فاشل … و ساقط و غشاش …. تصدق الواد يضحك على سنة كاملة مفهمنى إنه نجح و هو ساقط
كرم : لا حولو لا قوة إلا بالله .... إيه اللى جرالك يا وائل ... ما انت كنت كويس
يطرق وائل فى خجل و لا يرد ، فيلتفت إلى طارق
كرم : و انت يا روقة ... إيه أخبارك ... فى سنة كام السنادى
طارق : ( فى حرج ) لسة فى سنة تانية
كرم : سبحان الله .... انتم إيه اللى جرالكم يا أولاد ؟ شدو حيلكم شوية ... الدنيا مبتستناش حد
الأم : أيوة .... قولهم يا ( كرم)
كرم : ربنا يهديكم .... انتم بتصلوا و لا لأ؟
الأب : و لا بيركعوها .... حتى صلاة الجمعة ... باغلب على ما أصحيهم عشان ينزلوا يصلوا
كرم : ( و قد بان عليه الحزن ) معقول ؟ ..... مبتصلوش ؟ فيه مسلم ما بيصليش ؟ ..... مش عارف أقولكم إيه بصراحة
يظهر الخجل على وجه وائل و طارق
الأم : ادعيلهم يا ( كرم) ربنا يهيدهم و يعقلهم
كرم : ازاي يا شباب مش بتصلوا ... هو انتم مبتحبوش ربنا ؟
وائل و طارق ينظران لخالهم كرم ...
طارق : ليه بس يا خالو تقول كده ... أكيد بنحب ربنا ..
وائل : يا خاالو هو في حد مبيحبش ربنا كل الناس بتحب ربنا
كرم : طيب كويس يا وائل انك قلت كده .. فعلا كل الناس بتقول احنا بنحب ربنا وعشان الناس كلها قالت كده ...
ربنا سبحانه وتعالى حط علامات عشان يظهر مين الي بيقول بجد ومين الي بيقول بلسانه .. ومن العلامات دي يا طارق انت و وائل ان ربنا امرنا نصلي .. وجعل المؤذن كل صلاة ينادي على المسلمين ..
وكأن المؤذن بيقول ليهم تعالوا ده في ميعاد مع ربنا دلوقتي .. فكل واحد بيروح ويقوم يصلي لما يسمع الاذان يبقي
ده كده اثبت لربنا انه بيحبه بجد مش مجرد كلام لكن الي بيكبر دماغه ومش فارق معاه ربنا يرضى ولا ميرضاش يبقي
حبه لربنا مجرد كلام ..
ويكمل كرم : انا هضرب ليكم مثل قريب
اي ولد مصاحب بنت .. ويقول ليه انا بحبك .. لكنه في نفس الوقت مش بيسمع كلامها ولا بيسأل عليها وكل لما يديها معاد ميروحش .. وكل لما يتفقوا علي شيء يكبر دماغه ولا فارق معاه يعمل شيء يزعلها منه .. هل البنت دي هتقتنع ان ده بيحبها ولا كان بيكذب عليها وحبه ليها مجرد كلام وتضيع وقت ؟
طيب يا جماعه لله المثل الاعلي .. حب ربنا مش بالكلام لازم افعال ومن اهمها الصلاة ..
وائل و طارق ( قد أحمر وجههما )
كرم : ربنا يهديهم .... وإن شاء الله قبل ما أسافر يكون موضوع الصلاة ده خلص .... مفيش حاجة اسمها ما يصلوش ...
اتفقنا يا رجالة
يومئان برأسيهما موافقين ، و يبتسم (كرم) ليخفف من حدة الحوار
كرم : قوم يا وائل هات الشنطة عشان تشوفوا الحاجات اللى جبتهالكم
ينتفض وائل فى فرح و يجرى و يحضر الشنطة لخاله ، فيفتحها (كرم) و يبدأ فىإخراج الهدايا
فيخرج حذاء فخماً غالى الثمن و يعطيه لـ (طارق )
ثم يفتح الحقيبة و يخرج منها مجموعة من الخمارات لأخته
كرم : و دى خمارات ليكى يا (فتحية) يا ريت تلبسيهم بدل الطرح اللى بتلبسيها
الأم : ( مسرورة ) ماشى ياأخويا ... و الله من زمان و أنا نفسى ألبس خمارات ... بس مكسوفة
و يخرج مجموعةمن الشرائط فى علية من القطيفة
كرم : و الشرايط دى عشانك يا أبو ( طارق )
الوالد : ( وقد بان عليه الضيق ) طيب
كرم : إيه مش عاجبينك و لا إيه ؟
الوالد : لأ ... بس حاسمعهم فين ... فى الكمدينو ؟ .... ماالشياطين دول كسروا التسجيل
كرم : (مبتسماً ) و لا يهمك .... أنا عندى واحد زيادة حابقى أجيبهولك
ثم يصمت ، ووائل ينظر إليه بتلهف ... فالدور عليه ... والخال لا يحرك ساكناً .... فيتنحنح (وائل)
كرم : (مبتسماً) عندك برد و لاَّ إيه يا (وائل)؟
وائل : لا ما عنديش برد .... هى الشنطة فضيت ولاَّ إيه ؟
كرم : ( يبتسم فى مكر ) آه خلصت ... هو انت مخدتش حاجة ولا إيه ؟ هو أنا نسيتك و لا إيه؟
و يقلب الشنطة فيتأكد (وائل) أنها فارغة ، فينظرإلى خاله فى دهشة و يصمت فى غيظ
فيضحك (كرم) بشدة و يضحك الجميع ما عدا ( وائل ) طبعاً
فيضع (كرم ) يده فى جيبه و يخرج ساعة قيمة و يقول لـ(وائل)
كرم : اتفضل يا عم و لا تزعل .... هوأنا أقدر أنساك ؟
فينقض (وائل) على الساعة و يبدو على وجهه الفرح الشديد
الأم : إلهى يسعدك و يخليك يا كرم يا أخويا و يرزقك بالذرية الصالحة يارب
طارق : مش أنا حاروح استلم شغل بكرة يا خال
كرم : عال ... كويس ... فين
فيحكى له (طارق) موضوع معرض السيارات و الأمن و خلافه
كرم : كويس ... بس دراستك أهم من كل حاجة .... عاوزين نخلص
طارق : إن شاء الله يا خال
كرم ( وهو ينهض ليرحل ) ان شاء الله حابقى أجيلكم بكرة أقعد معاكم قعدة طويلة
الأم : متقعد معانا النهاردة يا ( كرم)
كرم : معلش خليها بكرة .... فى كام مشوار كده لازم أعملهم
الأب : خلاص بكرة تتغدى معانا
كرم : بإذن الله
ثم يلتفت إلى وائل و طارق
كرم : الصلاة يا رجالة .... مش عاوزين نتكلم فى الموضوع تانى ... اتفقناالحياه ملهاش طعم من غير رضا ربنا علينا
وائل : ماشى يا خال .... من بكرة حنبدأ
كرم : من بكرة ؟ .......... مينفعش .......... ما تنامش إلا ما تصلى النهاردة
طارق : حاضر يا خال
يودعهم كرم على أمل اللقاء فى الغد
و يذهب كل منهم إلى حجرته ، ثم يتعالى رنين الهاتف فيرفع ( طارق) السماعة فيجد أنه ( هيما)
هيما : إيه يا معلم .... لسة منمتش ؟
طارق : لأ خالى جه من السفر و كان عندنا
هيما : ماشية معاك ياعم .... جابلك إيه ؟
طارق : جابلى حتة جزمة يابنى ... تحفة .... عمر الكبير فى عيلتكم ما اتصور جنب واحدة زيها
هيما : ماشية معاك يا عم .... يا ريت كان لى خال مسافر زيك
طارق : إنت حتقر من أولها ؟ .... المهم ... حلقت و لا لسة ؟
هيما : حلقت يا سيدى .... تصدق الحلاق كان عاوز منى عشرين جنيه
طارق : ليه ؟ ... داأنا باحلق بخمسة جنيه
هيما : أصله بيقولى ان شعرى ماينفعش فيه المقص العادى .... عاوز مقص شجر
طارق : المهم ... مش عاوزين نتأخر زى امبارح
هيما : لأ ده من النجمة حاكون جاهز .... أنا قلت لـ(كُتْلة) على اللى حصل و قالى انه حييجى معانا
طارق: كويس ... يلا بقى عشان أقيس الجزمة الجديدة
هيما : ماشى يا أبو جزمة جديدة .... شاو يا مان
طارق : شاو
يضع كل منهما السماعة ، و تتصاعد أبخرةالأحلام فى رأس كل منهما فينسطلان
و بالذات (هيما) الذى يحلم بالمسدس الذى سيحمله فى جنبه كرعاة البقر الأبطال
طبعاً هو لا يعلم أنه فى الغد سيكون له مشكلة مع شخصية كبيرة
مع رئيس الجمهورية يا معلم
الله يخرب بيتك يا هيماهتودينا فى داهية
****************
ونكمل الحلقه الجايه