لمشهد السابع
*******************
الليلة ليلة غير عادية ، ألا تعلم لماذا ؟ .... لأن الأستاذ (كرم ) سيأتى لزيارة العائلة اليوم
و لمن لا يعلم : الأستاذ كرم هو ابن عم الأستاذ ( عبده) و أخو زوجته ، و خال الأولاد (طارق ) و ( وائل)
أما لماذا هو يوم غير عادى ، و لماذا الأسرة كلها تنتظر هذا اليوم من العام إلى العام ؟ فذلك لأسباب عدة :
أولها : أنه إنسان مهذب بشوش محترم كريم
ثانيها : أنه حينما يأتى من سفره يغدق عليهم بالهدايا
ثالثها : أنه يفك أزمة الأب بسداد ديونه
رابعها : أنه يحب أولاد أخته حباً جماً و كأنهم أولاده برغم صغر سنه النسبى ، فهم كل من تبقى له فى الدنيا بعد وفاة الوالدين
أما الأولاد فيعشقونه و يعتبرونه مثلاً أعلى لهم
و الأستاذ كرم حالياً ، فى الخامسة و الثلاثين من عمره ، محاسب ، يعمل فى شركة بترولية فى المملكة العربية السعودية ، دخله منها محترم ، سافر من أربع سنوات و يبدو أنه استقر هناك .... ما زال عزباً
و لكن هذه المرة يبدو أن هناك أشياء جديدة طرأت عليه ؛ فهو لما سافر كان كأى شاب عادى غير ملتزم يسمع الأغانى و يذهب إلى السينما و المسرح ، و كان من عادته كل عام أن يأخذهم جميعاً فى سهرة فى أحد الأماكن التى تقدم رقصاً و غناءً .
أما هذه المرة فيبدو أنه قد تغير كثيراً حتى أنهم وجدوا صعوبة فى التعرف عليه لأول مرة
هناك لحية ، و هناك قميص قصير لا يصل لكعب رجله ( يعنى جلباب بلغة المصريين ) و السواك ظاهر من جيب قميصه ، و رائحة المسك الجميلة تفوح من ملابسه ، و علامة السجود واضحة فى جبينه ، و النور يشع من ثناياه .... و قد أصبح أكثر هدوءاً و سكينة
طبعاً كان هناك الكثير من القبل و الأحضان و البكاء من الحاجة (فتحية) ووحشتنا و طولت علينا المرة ، و ليك وحشة يا راجل و غير ذلك مما سأوفره عليك ، و تعالى بنا ننتقل إلى غرفة المعيشة و نسمع ما يقولون
فتحية : وحشتنا يا كرم .... انت خاسس كدة ليه ؟ .. مبتاكلش ؟
وائل : خاســس إيه ماما ده زاد النص
الوالد : ( يضحك ) ياد اسكت .... انت مسحوب من لسانك كده علىطول
كرم : سيبه يا عبده .... ذنبه على جنبه
وائل : لا يا خالى أنا باهزر
كرم : ( ينظر لطارق الساكت منذ جلسوا ) إيه يا طارق .... ساكت ليه ؟ ... مالك ؟ ... و لابس الطاقية فى البيت ليه
طارق : أبداً يا خال .... مأفور شوية
كرم : مأفور ؟ ... يعنى إيه ؟
طارق : يعنى مصدع شوية
كرم : تلاقى من الطاقية اللى كابسها على راسك دى .... اقلعها يا راجل
فيخلعها طارق بعد تردد ، فتبدو رأسه خضراء مضحكة ينبت فيها شعره بالكاد
كرم : ( مندهشاً ) إيه ده انت دخلت الجيش و لا إيه
وائل : لأ كان بيحج ... هاهاهاها
يظهر الحرج على وجه (طارق) ، فتنظر إليه الأم شذراً ، و يزجره الأب
الوالد : وائل !!! إتلم
فيفهم كرم أن هناك شيئاً غير عادى ، فيحاول تغيير مجرى الحوار فيلتفت إلى الأب
كرم : إيه يا ( عبده) ... أخبارك إيه ؟ و عملت إيه فىموضوع الـ .... إيه ده ؟ .... انت حلقت شنبك ... مش كده ؟
يضع ( عبده) يده على موضع شاربه و يحمر وجهه و يضحك ضحكة مصطنعة
الوالد : آه ... ها ها .... تغيير ... اصله طلع فيه كام شعره بيضاً خفت الناس تقول على كبرت ...ها ها
ترى الأم الحرج بادياً على وجه زوجها فتحاول تغيير دفة الحوار هى الأخرى
الأم : و بعدين معاك يا (كرم) .... مش حتتجوز بقى ؟
كرم : إن شاء الله ... مش حسافر المرة دى إلا و معايا العروسة
الأم : أيوة كدة .... عاوزين نفرح بقى ..... و عروستك عندى
كرم : الله المستعان ...
الوالد : ( ينظر لكرم ) إيه يا عم (كرم) .... إيه حكاية دقنك دى ..... انت حتستشيخ ولاَّ إيه ؟
كرم : أستشيخ ؟ ..... أنا سايب دقنى سُنَّة .
الأب : ( فى لهجة الناصح ) لا يا ( كرم) .... احلقها .... مش ناقصين مشاكل و النبى
كرم : قول " لا إله إلا الله "
الأب : محمد رسول الله
كرم : لأ ... بقولك قول "لا إله إلا الله "
الأب : ليه ؟
كرم : عشان قلت :"و النبى "..... مينفعش تحلف بالنبى صلى الله عليه و سلم
الأب : يا سلام .... لما أقول و النبى يبقى حرام ؟
كرم : أيوه النبى صلى الله عليه و سلم هو اللى أمرنا بكده .... هو اللى قال : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت"
الأب : "لا إله إلا الله" يا سيدى ..... المهم احلق دقنك دى صدقنى
كرم : ليه ؟ هى دقنى مضايقاك فى حاجة ؟
الأب : يا عم أنا عاوز مصلحتك .... في قلق فى البلد اليومين دول
كرم : ( ضاحكاً ) يا عم سيبها على الله
الأب : آه .... شكلك بصراحة اتغير
الأم : . أخويا زى القمر
الأب : اسكتى يا ( فتحية ) انت مش عارفة حاجة
كرم يضحك من جهل بن عمه ) لا حول و لا قوة إلا بالله
وائل : بس تصدق برضه يا خال … انت لسة روش
كرم : ( يضحك ) ماشى يا عم وائل …. المهم أخبارك إيه فى الجامعة
الأب : فاشل … و ساقط و غشاش …. تصدق الواد يضحك على سنة كاملة مفهمنى إنه نجح و هو ساقط
كرم : لا حول و لا قوة إلا بالله .... إيه اللى جرالك يا وائل ... ما انت كنت كويس
يطرق وائل فى خجل و لا يرد ، فيلتفت إلى طارق
كرم : و انت يا روقة ... إيه أخبارك ... فى سنة كام السنادى
طارق : ( فى حرج ) لسة فى سنة تانية
كرم : سبحان الله .... انتم إيه اللى جرالكم يا أولاد ؟ شدو حيلكم شوية ... الدنيا مبتستناش حد
الأم : أيوة .... قولهم يا ( كرم)
كرم : ربنا يهديكم .... انتم بتصلوا و لا لأ ؟
الأب : و لا بيركعوها .... حتى صلاة الجمعة ... باغلب على ما أصحيهم عشان ينزلوا يصلوا
كرم : ( و قد بان عليه الحزن ) معقول ؟ ..... مبتصلوش ؟ فيه مسلم ما بيصليش ؟ ..... مش عارف أقولكم إيه بصراحة
يظهر الخجل على وجه وائل و طارق
الأم : ادعيلهم يا ( كرم) ربنا يهيدهم و يعقلهم
كرم : ربنا يهديهم .... و إن شاء الله قبل ما أسافر يكون موضوع الصلاة ده خلص .... مفيش حاجة اسمها ما يصلوش ... اتفقنا يا رجالة
يومئان برأسيهما موافقين ، و يبتسم (كرم) ليخفف من حدة الحوار
كرم : قوم يا وائل هات الشنطة عشان تشوفوا الحاجات اللى جبتها لكم
ينتفض وائل فى فرح و يجرى و يحضر الشنطة لخاله ، فيفتحها (كرم) و يبدأ فى إخراج الهدايا
فيخرج حذاء فخماً غالى الثمن و يعطيه لـ (طارق )
طارق : إيه ده ؟ ... فين الموبايل يا خال ؟ انت مش قلت لى حاجيبلك موبايل جديد بكاميرا و Mp3
كرم : أجيبلك موبايل عشان تقعد تسمع أغانى و تشوف عليه كليبات ... مش كدة ؟
طارق : طيب و إيه يعنى ... إيه المشكلة ؟
كرم : المشكلة إن الأغانى حرام
طارق : حرام ؟!!!!!!!!!! حرام إيه يا خال ؟ و مين اللى حرم الأغانى بقى ان شاء الله ؟
كرم : اللى حرمها هو ربنا سبحانه و تعالى .... انت مش شايف الطبل و الزمر و الرقص و المسخرة بتاعة الأغانى
الوالد : و أم كلثوم و عبد الوهاب حرام برضه يا ( كرم) ؟
كرم : يا جماعة ... الأغانى و الموسيقى كلها حرام ... سواء كان اللى بيغنى راجل أو ست ، قديم أو جديد
طارق : انت حتقول زى الشيخ ( مصطفى الحوينى )
كرم : ( مبتسماً) اسمه الشيخ ( أبو اسحق الحوينى )
وائل : و التليفزيون يا خال
كرم : التليفزيون فيه حلال و فيه حرام ........ فيه قنوات محترمة دلوقتى ممكن تتفرج عليها ، و فيه قنوات زى الزفت كل اللى فيها معاصى و ذنوب
وائل : طيب و الإنترنت ؟
كرم : نفس الكلام ... فيه حلال و فيه حرام
ثم يفتح الحقيبة و يخرج منها مجموعة من الخمارات لأخته
كرم : و دى خمارات ليكى يا (فتحية) يا ريت تلبسيهم بدل الطرح اللى بتلبسيها
الأم : ( مسرورة ) ماشى يا أخويا ... و الله من زمان و أنا نفسى ألبس خمارات ... بس مكسوفة
و يخرج مجموعة من الشرائط فى علبة من القطيفة
كرم : و الشرايط دى عشانك يا أبو ( طارق )
الوالد: دى مدايح و ابتهالات ؟
كرم : مدايح إيه يا عم .... ده القرآن كله بصوت الشيخ المنشاوى
الوالد : ( و قد بان عليه الضيق ) طيب
كرم : إيه مش عاجبينك و لا إيه ؟
الوالد : لأ ... بس حاسمعهم فين ... فى الكمدينو ؟ .... ما الشياطين دول كسروا التسجيل
كرم : (مبتسماً ) و لا يهمك .... أنا عندى واحد زيادة حابقى أجيبهولك
ثم يصمت ، ووائل ينظر إليه بتلهف ... فالدور عليه ... و الخال لا يحرك ساكناً .... فيتنحنح (وائل)
كرم : (مبتسماً) عندك برد و لاَّ إيه يا (وائل)؟
وائل : لا ما عنديش برد .... هى الشنطة فضيت ولاَّ إيه ؟
كرم : ( يبتسم فى مكر ) آه خلصت ... هو انت مخدتش حاجة ولا إيه ؟ هو أنا نسيتك و لا إيه ؟
و يقلب الشنطة فيتأكد (وائل) أنها فارغة ، فينظرإلى خاله فى دهشة و يصمت فى غيظ
فيضحك (كرم) بشدة و يضحك الجميع ما عدا ( وائل ) طبعاً
فيضع (كرم ) يده فى جيبه و يخرج ساعة قيمة و يقول لـ(وائل)
كرم : اتفضل يا عم و لا تزعل .... هو أنا أقدر أنساك ؟
فينقض (وائل) على الساعة و يبدو على وجهه الفرح الشديد
الأم : إلهى يسعدك و يخليك يا كرم يا أخويا و يرزقك بالذرية الصالحة يا رب
طارق : مش أنا حاروح استلم شغل بكرة يا خال
كرم : عال ... كويس ... فين
فيحكى له (طارق) موضوع معرض السيارات و الأمن و خلافه
كرم : كويس ... بس دراستك أهم من كل حاجة .... عاوزين نخلص
طارق : إن شاء الله يا خال
كرم ( و هو ينهض ليرحل ) ان شاء الله حابقى أجيلكم بكرة أقعد معاكم قعدة طويلة
الأم : متقعد معانا النهاردة يا ( كرم)
كرم : معلش خليها بكرة .... فى كام مشوار كده لازم أعملهم
الأب : خلاص بكرة تتغدى معانا
كرم : بإذن الله
ثم يلتفت إلى وائل و طارق
كرم : الصلاة يا رجالة .... مش عاوزين نتكلم فى الموضوع تانى ... اتفقنا
وائل : ماشى يا خال .... من بكرة حنبدأ
كرم : من بكرة ؟ .......... مينفعش .......... ما تنامش إلا ما تصلى النهاردة
طارق : حاضر يا خال
يودعهم كرم على أمل اللقاء فى الغد
و يذهب كل منهم إلى حجرته ، ثم يتعالى رنين الهاتف فيرفع ( طارق) السماعة فيجد أنه ( هيما)
هيما : إيه يا معلم .... لسة منمتش ؟
طارق : لأ خالى جه من السفر و كان عندنا
هيما : ماشية معاك يا عم .... جابلك إيه ؟
طارق : جابلى حتة جزمة يابنى ... تحفة .... عمر الكبير فى عيلتكم ما اتصور جنب واحدة زيها
هيما : ماشية معاك يا عم .... يا ريت كان لى خال مسافر زيك
طارق : إنت حتقر من أولها ؟ .... المهم ... حلقت و لا لسة ؟
هيما : حلقت يا سيدى .... تصدق الحلاق كان عاوز منى عشرين جنيه
طارق : ليه ؟ ... دا أنا باحلق يخمسة جنيه
هيما : أصله بيقولى ان شعرى ماينفعش فيه المقص العادى .... عاوز مقص شجر
طارق : المهم ... مش عاوزين نتأخر زى امبارح
هيما : لأ ده من النجمة حاكون جاهز .... أنا قلت لـ(كُتْلة) على اللى حصل و قالى انه حييجى معانا
طارق: كويس ... يلا بقى عشان أقيس الجزمة الجديدة
هيما : ماشى يا أبو جزمة جديدة .... شاو يا مان
طارق : شاو
يضع كل منهما السماعة ، و تتصاعد أبخرة الأحلام فى رأس كل منهما فينسطلان
و بالذات (هيما) الذى يحلم بالمسدس الذى سيحمله فى جنبه كرعاة البقر الأبطال
طبعاً هو لا يعلم أنه فى الغد سيكون له مشكلة بسيطة مع شخصية كبيرة
مع السيد المحترم /رئيس ......بذات نفسه
الله يخرب بيتك يا هيما هتودينا فى داهية
****************
إلى اللقاء مع المشهد الثامن
*******************
الليلة ليلة غير عادية ، ألا تعلم لماذا ؟ .... لأن الأستاذ (كرم ) سيأتى لزيارة العائلة اليوم
و لمن لا يعلم : الأستاذ كرم هو ابن عم الأستاذ ( عبده) و أخو زوجته ، و خال الأولاد (طارق ) و ( وائل)
أما لماذا هو يوم غير عادى ، و لماذا الأسرة كلها تنتظر هذا اليوم من العام إلى العام ؟ فذلك لأسباب عدة :
أولها : أنه إنسان مهذب بشوش محترم كريم
ثانيها : أنه حينما يأتى من سفره يغدق عليهم بالهدايا
ثالثها : أنه يفك أزمة الأب بسداد ديونه
رابعها : أنه يحب أولاد أخته حباً جماً و كأنهم أولاده برغم صغر سنه النسبى ، فهم كل من تبقى له فى الدنيا بعد وفاة الوالدين
أما الأولاد فيعشقونه و يعتبرونه مثلاً أعلى لهم
و الأستاذ كرم حالياً ، فى الخامسة و الثلاثين من عمره ، محاسب ، يعمل فى شركة بترولية فى المملكة العربية السعودية ، دخله منها محترم ، سافر من أربع سنوات و يبدو أنه استقر هناك .... ما زال عزباً
و لكن هذه المرة يبدو أن هناك أشياء جديدة طرأت عليه ؛ فهو لما سافر كان كأى شاب عادى غير ملتزم يسمع الأغانى و يذهب إلى السينما و المسرح ، و كان من عادته كل عام أن يأخذهم جميعاً فى سهرة فى أحد الأماكن التى تقدم رقصاً و غناءً .
أما هذه المرة فيبدو أنه قد تغير كثيراً حتى أنهم وجدوا صعوبة فى التعرف عليه لأول مرة
هناك لحية ، و هناك قميص قصير لا يصل لكعب رجله ( يعنى جلباب بلغة المصريين ) و السواك ظاهر من جيب قميصه ، و رائحة المسك الجميلة تفوح من ملابسه ، و علامة السجود واضحة فى جبينه ، و النور يشع من ثناياه .... و قد أصبح أكثر هدوءاً و سكينة
طبعاً كان هناك الكثير من القبل و الأحضان و البكاء من الحاجة (فتحية) ووحشتنا و طولت علينا المرة ، و ليك وحشة يا راجل و غير ذلك مما سأوفره عليك ، و تعالى بنا ننتقل إلى غرفة المعيشة و نسمع ما يقولون
فتحية : وحشتنا يا كرم .... انت خاسس كدة ليه ؟ .. مبتاكلش ؟
وائل : خاســس إيه ماما ده زاد النص
الوالد : ( يضحك ) ياد اسكت .... انت مسحوب من لسانك كده علىطول
كرم : سيبه يا عبده .... ذنبه على جنبه
وائل : لا يا خالى أنا باهزر
كرم : ( ينظر لطارق الساكت منذ جلسوا ) إيه يا طارق .... ساكت ليه ؟ ... مالك ؟ ... و لابس الطاقية فى البيت ليه
طارق : أبداً يا خال .... مأفور شوية
كرم : مأفور ؟ ... يعنى إيه ؟
طارق : يعنى مصدع شوية
كرم : تلاقى من الطاقية اللى كابسها على راسك دى .... اقلعها يا راجل
فيخلعها طارق بعد تردد ، فتبدو رأسه خضراء مضحكة ينبت فيها شعره بالكاد
كرم : ( مندهشاً ) إيه ده انت دخلت الجيش و لا إيه
وائل : لأ كان بيحج ... هاهاهاها
يظهر الحرج على وجه (طارق) ، فتنظر إليه الأم شذراً ، و يزجره الأب
الوالد : وائل !!! إتلم
فيفهم كرم أن هناك شيئاً غير عادى ، فيحاول تغيير مجرى الحوار فيلتفت إلى الأب
كرم : إيه يا ( عبده) ... أخبارك إيه ؟ و عملت إيه فىموضوع الـ .... إيه ده ؟ .... انت حلقت شنبك ... مش كده ؟
يضع ( عبده) يده على موضع شاربه و يحمر وجهه و يضحك ضحكة مصطنعة
الوالد : آه ... ها ها .... تغيير ... اصله طلع فيه كام شعره بيضاً خفت الناس تقول على كبرت ...ها ها
ترى الأم الحرج بادياً على وجه زوجها فتحاول تغيير دفة الحوار هى الأخرى
الأم : و بعدين معاك يا (كرم) .... مش حتتجوز بقى ؟
كرم : إن شاء الله ... مش حسافر المرة دى إلا و معايا العروسة
الأم : أيوة كدة .... عاوزين نفرح بقى ..... و عروستك عندى
كرم : الله المستعان ...
الوالد : ( ينظر لكرم ) إيه يا عم (كرم) .... إيه حكاية دقنك دى ..... انت حتستشيخ ولاَّ إيه ؟
كرم : أستشيخ ؟ ..... أنا سايب دقنى سُنَّة .
الأب : ( فى لهجة الناصح ) لا يا ( كرم) .... احلقها .... مش ناقصين مشاكل و النبى
كرم : قول " لا إله إلا الله "
الأب : محمد رسول الله
كرم : لأ ... بقولك قول "لا إله إلا الله "
الأب : ليه ؟
كرم : عشان قلت :"و النبى "..... مينفعش تحلف بالنبى صلى الله عليه و سلم
الأب : يا سلام .... لما أقول و النبى يبقى حرام ؟
كرم : أيوه النبى صلى الله عليه و سلم هو اللى أمرنا بكده .... هو اللى قال : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت"
الأب : "لا إله إلا الله" يا سيدى ..... المهم احلق دقنك دى صدقنى
كرم : ليه ؟ هى دقنى مضايقاك فى حاجة ؟
الأب : يا عم أنا عاوز مصلحتك .... في قلق فى البلد اليومين دول
كرم : ( ضاحكاً ) يا عم سيبها على الله
الأب : آه .... شكلك بصراحة اتغير
الأم : . أخويا زى القمر
الأب : اسكتى يا ( فتحية ) انت مش عارفة حاجة
كرم يضحك من جهل بن عمه ) لا حول و لا قوة إلا بالله
وائل : بس تصدق برضه يا خال … انت لسة روش
كرم : ( يضحك ) ماشى يا عم وائل …. المهم أخبارك إيه فى الجامعة
الأب : فاشل … و ساقط و غشاش …. تصدق الواد يضحك على سنة كاملة مفهمنى إنه نجح و هو ساقط
كرم : لا حول و لا قوة إلا بالله .... إيه اللى جرالك يا وائل ... ما انت كنت كويس
يطرق وائل فى خجل و لا يرد ، فيلتفت إلى طارق
كرم : و انت يا روقة ... إيه أخبارك ... فى سنة كام السنادى
طارق : ( فى حرج ) لسة فى سنة تانية
كرم : سبحان الله .... انتم إيه اللى جرالكم يا أولاد ؟ شدو حيلكم شوية ... الدنيا مبتستناش حد
الأم : أيوة .... قولهم يا ( كرم)
كرم : ربنا يهديكم .... انتم بتصلوا و لا لأ ؟
الأب : و لا بيركعوها .... حتى صلاة الجمعة ... باغلب على ما أصحيهم عشان ينزلوا يصلوا
كرم : ( و قد بان عليه الحزن ) معقول ؟ ..... مبتصلوش ؟ فيه مسلم ما بيصليش ؟ ..... مش عارف أقولكم إيه بصراحة
يظهر الخجل على وجه وائل و طارق
الأم : ادعيلهم يا ( كرم) ربنا يهيدهم و يعقلهم
كرم : ربنا يهديهم .... و إن شاء الله قبل ما أسافر يكون موضوع الصلاة ده خلص .... مفيش حاجة اسمها ما يصلوش ... اتفقنا يا رجالة
يومئان برأسيهما موافقين ، و يبتسم (كرم) ليخفف من حدة الحوار
كرم : قوم يا وائل هات الشنطة عشان تشوفوا الحاجات اللى جبتها لكم
ينتفض وائل فى فرح و يجرى و يحضر الشنطة لخاله ، فيفتحها (كرم) و يبدأ فى إخراج الهدايا
فيخرج حذاء فخماً غالى الثمن و يعطيه لـ (طارق )
طارق : إيه ده ؟ ... فين الموبايل يا خال ؟ انت مش قلت لى حاجيبلك موبايل جديد بكاميرا و Mp3
كرم : أجيبلك موبايل عشان تقعد تسمع أغانى و تشوف عليه كليبات ... مش كدة ؟
طارق : طيب و إيه يعنى ... إيه المشكلة ؟
كرم : المشكلة إن الأغانى حرام
طارق : حرام ؟!!!!!!!!!! حرام إيه يا خال ؟ و مين اللى حرم الأغانى بقى ان شاء الله ؟
كرم : اللى حرمها هو ربنا سبحانه و تعالى .... انت مش شايف الطبل و الزمر و الرقص و المسخرة بتاعة الأغانى
الوالد : و أم كلثوم و عبد الوهاب حرام برضه يا ( كرم) ؟
كرم : يا جماعة ... الأغانى و الموسيقى كلها حرام ... سواء كان اللى بيغنى راجل أو ست ، قديم أو جديد
طارق : انت حتقول زى الشيخ ( مصطفى الحوينى )
كرم : ( مبتسماً) اسمه الشيخ ( أبو اسحق الحوينى )
وائل : و التليفزيون يا خال
كرم : التليفزيون فيه حلال و فيه حرام ........ فيه قنوات محترمة دلوقتى ممكن تتفرج عليها ، و فيه قنوات زى الزفت كل اللى فيها معاصى و ذنوب
وائل : طيب و الإنترنت ؟
كرم : نفس الكلام ... فيه حلال و فيه حرام
ثم يفتح الحقيبة و يخرج منها مجموعة من الخمارات لأخته
كرم : و دى خمارات ليكى يا (فتحية) يا ريت تلبسيهم بدل الطرح اللى بتلبسيها
الأم : ( مسرورة ) ماشى يا أخويا ... و الله من زمان و أنا نفسى ألبس خمارات ... بس مكسوفة
و يخرج مجموعة من الشرائط فى علبة من القطيفة
كرم : و الشرايط دى عشانك يا أبو ( طارق )
الوالد: دى مدايح و ابتهالات ؟
كرم : مدايح إيه يا عم .... ده القرآن كله بصوت الشيخ المنشاوى
الوالد : ( و قد بان عليه الضيق ) طيب
كرم : إيه مش عاجبينك و لا إيه ؟
الوالد : لأ ... بس حاسمعهم فين ... فى الكمدينو ؟ .... ما الشياطين دول كسروا التسجيل
كرم : (مبتسماً ) و لا يهمك .... أنا عندى واحد زيادة حابقى أجيبهولك
ثم يصمت ، ووائل ينظر إليه بتلهف ... فالدور عليه ... و الخال لا يحرك ساكناً .... فيتنحنح (وائل)
كرم : (مبتسماً) عندك برد و لاَّ إيه يا (وائل)؟
وائل : لا ما عنديش برد .... هى الشنطة فضيت ولاَّ إيه ؟
كرم : ( يبتسم فى مكر ) آه خلصت ... هو انت مخدتش حاجة ولا إيه ؟ هو أنا نسيتك و لا إيه ؟
و يقلب الشنطة فيتأكد (وائل) أنها فارغة ، فينظرإلى خاله فى دهشة و يصمت فى غيظ
فيضحك (كرم) بشدة و يضحك الجميع ما عدا ( وائل ) طبعاً
فيضع (كرم ) يده فى جيبه و يخرج ساعة قيمة و يقول لـ(وائل)
كرم : اتفضل يا عم و لا تزعل .... هو أنا أقدر أنساك ؟
فينقض (وائل) على الساعة و يبدو على وجهه الفرح الشديد
الأم : إلهى يسعدك و يخليك يا كرم يا أخويا و يرزقك بالذرية الصالحة يا رب
طارق : مش أنا حاروح استلم شغل بكرة يا خال
كرم : عال ... كويس ... فين
فيحكى له (طارق) موضوع معرض السيارات و الأمن و خلافه
كرم : كويس ... بس دراستك أهم من كل حاجة .... عاوزين نخلص
طارق : إن شاء الله يا خال
كرم ( و هو ينهض ليرحل ) ان شاء الله حابقى أجيلكم بكرة أقعد معاكم قعدة طويلة
الأم : متقعد معانا النهاردة يا ( كرم)
كرم : معلش خليها بكرة .... فى كام مشوار كده لازم أعملهم
الأب : خلاص بكرة تتغدى معانا
كرم : بإذن الله
ثم يلتفت إلى وائل و طارق
كرم : الصلاة يا رجالة .... مش عاوزين نتكلم فى الموضوع تانى ... اتفقنا
وائل : ماشى يا خال .... من بكرة حنبدأ
كرم : من بكرة ؟ .......... مينفعش .......... ما تنامش إلا ما تصلى النهاردة
طارق : حاضر يا خال
يودعهم كرم على أمل اللقاء فى الغد
و يذهب كل منهم إلى حجرته ، ثم يتعالى رنين الهاتف فيرفع ( طارق) السماعة فيجد أنه ( هيما)
هيما : إيه يا معلم .... لسة منمتش ؟
طارق : لأ خالى جه من السفر و كان عندنا
هيما : ماشية معاك يا عم .... جابلك إيه ؟
طارق : جابلى حتة جزمة يابنى ... تحفة .... عمر الكبير فى عيلتكم ما اتصور جنب واحدة زيها
هيما : ماشية معاك يا عم .... يا ريت كان لى خال مسافر زيك
طارق : إنت حتقر من أولها ؟ .... المهم ... حلقت و لا لسة ؟
هيما : حلقت يا سيدى .... تصدق الحلاق كان عاوز منى عشرين جنيه
طارق : ليه ؟ ... دا أنا باحلق يخمسة جنيه
هيما : أصله بيقولى ان شعرى ماينفعش فيه المقص العادى .... عاوز مقص شجر
طارق : المهم ... مش عاوزين نتأخر زى امبارح
هيما : لأ ده من النجمة حاكون جاهز .... أنا قلت لـ(كُتْلة) على اللى حصل و قالى انه حييجى معانا
طارق: كويس ... يلا بقى عشان أقيس الجزمة الجديدة
هيما : ماشى يا أبو جزمة جديدة .... شاو يا مان
طارق : شاو
يضع كل منهما السماعة ، و تتصاعد أبخرة الأحلام فى رأس كل منهما فينسطلان
و بالذات (هيما) الذى يحلم بالمسدس الذى سيحمله فى جنبه كرعاة البقر الأبطال
طبعاً هو لا يعلم أنه فى الغد سيكون له مشكلة بسيطة مع شخصية كبيرة
مع السيد المحترم /رئيس ......بذات نفسه
الله يخرب بيتك يا هيما هتودينا فى داهية
****************
إلى اللقاء مع المشهد الثامن