بسم الله الرحمن الرحيم
لأول مرة يخرج الناشط السياسى وائل غنسم وأحد أهم مفجرى ثورة 25 يناير عن صمته ويعلن من خلال مقالة له على صفحة كلنا خالد سعيد من شاركه الكتابة بالصفحة وكيف تعرف عليه ومتى وكيف تم الأتفاق بينهم ومن هو الجندى عبد الرحمن منصور الجندى المجهول دوره فى الثورة
نص مقالة وائل غنيم
في أغسطس 2009 تعرفت على أحد الشباب المصري الواعد عبر الإنترنت، شدتني كتاباته وأصبحنا أصدقاء على الفيسبوك، أو كما يقولون أصدقاء إلكترونيين، كان آنذاك طالبا جامعيا في الثالثة والعشرين من عمره، بكلية الآداب قسم الصحافة والإعلام بجامعة المنصورة. بدأ نشاطه السياسي بالكتابة على مدونته عن الأوضاع السياسية في مصر، ولاحظت أنه كان يعمل بنشاط في المشهد السياسي في مصر عبر مبادرات مختلفة، وجذبني نضجه وعقليته واسعة الاطلاع. كان هذا الشاب هو عبدالرحمن منصور.
شاءت الأقدار أن نعمل سويا مباشرة بعد ظهور الدكتور البرادعي على الساحة السياسية في مصر بعد أن دعوته ليكون مشرفا معي على صفحة الدكتور البرادعي على موقع الفيسبوك واستمر عملنا سويا لعدة شهور ننقل أخبار الدكتور والأنشطة التي يقوم بها. وبعد وفاة خالد سعيد رحمه الله، وإنشائي صفحة كلنا خالد سعيد شعرت أن الحمل سيكون ثقيلا، خاصة وأن الصفحة تجاوز عدد أعضائها 100 ألف بعد ثلاثة أيام من إنشائها مما يعني أنني سأحتاج بلا شك إلى من يساعدني في إدارتها. كانت تجربتي السابقة في العمل مع عبدالرحمن أكثر من إيجابية ودفعتني بدون تفكير لعرض الأمر عليه فوافق بدون تردد.
عمل عبدالرحمن في صفحة كلنا خالد سعيد لساعات وأيام طويلة، لا يبتغي شكرا أو تقديرا من أحد، ووضع عقله وجهده تحت خدمة حلم تغيير مصر الذي كان من المقاتلين تحت رايته. كنا نقضي الساعات الطويلة مع بعضنا البعض عبر الإنترنت نتحدث عما يدور في مصر ونفكر في الدور الذي يمكن أن تلعبه الصفحة لإصلاح حال البلاد، ونكتب عليها داعين الناس للمشاركة في الوقفات الصامتة وغيرها من فعاليات الصفحة وننشر ما يكتبه ويقترحه الأعضاء علينا. كثيرا ما نختلف، وكان هذا الخلاف مثريا للصفحة ودورها. وكانت لعبدالرحمن لمسات وأفكار مبدعة في حياة الصفحة ومنها الحملة التي أطلقناها أثناء انتخابات مجلس الشعب لكتابة اسم خالد سعيد على بطاقة الانتخاب تعبيرا عن عدم رضانا عما يحدث من تزوير لإرادة المصريين، وكذلك وهو الأهم أنه كان من اقترح أن ندعو إلى وقفات صامتة وبعض الفعاليات الأخرى يوم 25 يناير، تلك الدعوة التي حولتها بعد نجاح ثورة تونس في الرابع عشر من يناير إلى دعوة للثورة على الظلم والفساد والتعذيب والبطالة.
شاءت الأقدار أن يذهب عبدالرحمن منصور إلى الجيش يوم 17 يناير، ليُحرم من المشاركة في حلم طال انتظاره. كان عبدالرحمن قبل الثورة مؤمنا بالتغيير وحتمية حدوثه. ورأى في الصفحة منبرا هاما من منابر هذا التغيير، ولذا حرص على أن يوليها اهتماما واضعا إياها من أحد أهم أولوياته. أتذكر جيدا الحوار الذي دار بيننا يوم 17 يناير وهو يقول لي: "أنا مفيش حاجة هتوحشني في الجيش أكتر من صفحة كلنا خالد سعيد". كان ردي عليه وقتها: "أنني سأفتقده أيضا وأفتقد خلافاتنا ومشاكساتنا المستمرة معا" وعقبت مازحا: "أنه سيرجع إن شاء الله بعد أن تكون الثورة قد نجحت والصفحة بها مليون عضو لنعمل سويا على نهضة مصر". كنت فعلا أفتقده بعد ذهابه لأنني وبرغم أننا لم نلتقي خارج العالم الافتراضي من قبل كنت أشعر تجاهه بكل مودة وحب واحترام.
أمثال عبدالرحمن لم يحصلوا على ما يستحقونه من تكريم، فهو شاب مصري وطني مخلص، لم يبحث عن شهرة أو مديح، بل كان يبحث عن تحقيق حلم. وبينما سُلطت عليّ كل الأضواء بعد خروجي من المعتقل، اختار الاختفاء لأنه جندي بالجيش المصري احتراما منه لتقاليد المؤسسة العسكرية. رفض عبدالرحمن أي مناسبة للظهور والحديث عن دوره في الصفحة. كنا نشعر سويا قبل الثورة أن أفضل ما في هذه الصفحة أن لا أحد يعرفنا، وأن الإيمان كان بالفكرة لا بالأشخاص، ولكن العقد انفرط حينما تم اعتقالي وعلم الجميع دوري في الصفحة على غير رغبة مني. كانت هذه اللحظات صعبة وقاسية على كلينا، فالقاعدة التي بنيت عليها الصفحة وكانت مصدر قوتها وثقة الناس فيها قد تغيرت. كان ذلك قدر الله.
لم أكن أرغب في الكتابة عن عبدالرحمن وذكر دوره الآن، لأنني كنت حريصا أن أفعل ذلك حينما يكون قادرا على الظهور والحديث بعد انتهاء تجنيده، إلا أنني وأثناء قراءتي للكثير من المقالات التي تتحدث عن الثورة ودور من شاركوا فيها في هذه الأيام وأنه يكاد لا يُذكر اسمه وسط كل هذه المقالات، رأيت أنه من الواجب وبعد مرور قرابة عام من إطلاق شرارتها، أن يعرف الجميع أحد جنودها المجهولين. مصري اسمه عبدالرحمن منصور.
كلنا خالد سعيد
لأول مرة يخرج الناشط السياسى وائل غنسم وأحد أهم مفجرى ثورة 25 يناير عن صمته ويعلن من خلال مقالة له على صفحة كلنا خالد سعيد من شاركه الكتابة بالصفحة وكيف تعرف عليه ومتى وكيف تم الأتفاق بينهم ومن هو الجندى عبد الرحمن منصور الجندى المجهول دوره فى الثورة
نص مقالة وائل غنيم
في أغسطس 2009 تعرفت على أحد الشباب المصري الواعد عبر الإنترنت، شدتني كتاباته وأصبحنا أصدقاء على الفيسبوك، أو كما يقولون أصدقاء إلكترونيين، كان آنذاك طالبا جامعيا في الثالثة والعشرين من عمره، بكلية الآداب قسم الصحافة والإعلام بجامعة المنصورة. بدأ نشاطه السياسي بالكتابة على مدونته عن الأوضاع السياسية في مصر، ولاحظت أنه كان يعمل بنشاط في المشهد السياسي في مصر عبر مبادرات مختلفة، وجذبني نضجه وعقليته واسعة الاطلاع. كان هذا الشاب هو عبدالرحمن منصور.
شاءت الأقدار أن نعمل سويا مباشرة بعد ظهور الدكتور البرادعي على الساحة السياسية في مصر بعد أن دعوته ليكون مشرفا معي على صفحة الدكتور البرادعي على موقع الفيسبوك واستمر عملنا سويا لعدة شهور ننقل أخبار الدكتور والأنشطة التي يقوم بها. وبعد وفاة خالد سعيد رحمه الله، وإنشائي صفحة كلنا خالد سعيد شعرت أن الحمل سيكون ثقيلا، خاصة وأن الصفحة تجاوز عدد أعضائها 100 ألف بعد ثلاثة أيام من إنشائها مما يعني أنني سأحتاج بلا شك إلى من يساعدني في إدارتها. كانت تجربتي السابقة في العمل مع عبدالرحمن أكثر من إيجابية ودفعتني بدون تفكير لعرض الأمر عليه فوافق بدون تردد.
عمل عبدالرحمن في صفحة كلنا خالد سعيد لساعات وأيام طويلة، لا يبتغي شكرا أو تقديرا من أحد، ووضع عقله وجهده تحت خدمة حلم تغيير مصر الذي كان من المقاتلين تحت رايته. كنا نقضي الساعات الطويلة مع بعضنا البعض عبر الإنترنت نتحدث عما يدور في مصر ونفكر في الدور الذي يمكن أن تلعبه الصفحة لإصلاح حال البلاد، ونكتب عليها داعين الناس للمشاركة في الوقفات الصامتة وغيرها من فعاليات الصفحة وننشر ما يكتبه ويقترحه الأعضاء علينا. كثيرا ما نختلف، وكان هذا الخلاف مثريا للصفحة ودورها. وكانت لعبدالرحمن لمسات وأفكار مبدعة في حياة الصفحة ومنها الحملة التي أطلقناها أثناء انتخابات مجلس الشعب لكتابة اسم خالد سعيد على بطاقة الانتخاب تعبيرا عن عدم رضانا عما يحدث من تزوير لإرادة المصريين، وكذلك وهو الأهم أنه كان من اقترح أن ندعو إلى وقفات صامتة وبعض الفعاليات الأخرى يوم 25 يناير، تلك الدعوة التي حولتها بعد نجاح ثورة تونس في الرابع عشر من يناير إلى دعوة للثورة على الظلم والفساد والتعذيب والبطالة.
شاءت الأقدار أن يذهب عبدالرحمن منصور إلى الجيش يوم 17 يناير، ليُحرم من المشاركة في حلم طال انتظاره. كان عبدالرحمن قبل الثورة مؤمنا بالتغيير وحتمية حدوثه. ورأى في الصفحة منبرا هاما من منابر هذا التغيير، ولذا حرص على أن يوليها اهتماما واضعا إياها من أحد أهم أولوياته. أتذكر جيدا الحوار الذي دار بيننا يوم 17 يناير وهو يقول لي: "أنا مفيش حاجة هتوحشني في الجيش أكتر من صفحة كلنا خالد سعيد". كان ردي عليه وقتها: "أنني سأفتقده أيضا وأفتقد خلافاتنا ومشاكساتنا المستمرة معا" وعقبت مازحا: "أنه سيرجع إن شاء الله بعد أن تكون الثورة قد نجحت والصفحة بها مليون عضو لنعمل سويا على نهضة مصر". كنت فعلا أفتقده بعد ذهابه لأنني وبرغم أننا لم نلتقي خارج العالم الافتراضي من قبل كنت أشعر تجاهه بكل مودة وحب واحترام.
أمثال عبدالرحمن لم يحصلوا على ما يستحقونه من تكريم، فهو شاب مصري وطني مخلص، لم يبحث عن شهرة أو مديح، بل كان يبحث عن تحقيق حلم. وبينما سُلطت عليّ كل الأضواء بعد خروجي من المعتقل، اختار الاختفاء لأنه جندي بالجيش المصري احتراما منه لتقاليد المؤسسة العسكرية. رفض عبدالرحمن أي مناسبة للظهور والحديث عن دوره في الصفحة. كنا نشعر سويا قبل الثورة أن أفضل ما في هذه الصفحة أن لا أحد يعرفنا، وأن الإيمان كان بالفكرة لا بالأشخاص، ولكن العقد انفرط حينما تم اعتقالي وعلم الجميع دوري في الصفحة على غير رغبة مني. كانت هذه اللحظات صعبة وقاسية على كلينا، فالقاعدة التي بنيت عليها الصفحة وكانت مصدر قوتها وثقة الناس فيها قد تغيرت. كان ذلك قدر الله.
لم أكن أرغب في الكتابة عن عبدالرحمن وذكر دوره الآن، لأنني كنت حريصا أن أفعل ذلك حينما يكون قادرا على الظهور والحديث بعد انتهاء تجنيده، إلا أنني وأثناء قراءتي للكثير من المقالات التي تتحدث عن الثورة ودور من شاركوا فيها في هذه الأيام وأنه يكاد لا يُذكر اسمه وسط كل هذه المقالات، رأيت أنه من الواجب وبعد مرور قرابة عام من إطلاق شرارتها، أن يعرف الجميع أحد جنودها المجهولين. مصري اسمه عبدالرحمن منصور.
كلنا خالد سعيد