ليلة حب
يا رفيقي ، يا رفيقي في وجعي وأناتي ، دعني أرسل إليك بعضا ًمن كلماتي، سيلا ًمن دمعي، جمرا ً من آهاتي .
بالأمس رأيتك في حلمي، سمعت طرقا ً خفيا ً يدق بابي، فاتكأت على نبضات قلبي،وقادتني الدموع المنهمرة أمامي،وإذ بك في الباب تحمل جرحك المكابر، ونزيفك الملتهب، وبعضا ً من حروفك المبعثرة وحرّ المداد .
وسّدتك قلبي، حملتك نبضات قلبي المتهالك، وألقيت بك على ريف الوسائد، نظرت مليا ً إليك، نظرت في عينيك ، بركان من الأسئلة يغلي في جوفي ويندلق فوق لساني .
لماذا تأخرت؟ ما أخّرك عني ؟ ما أخّرك ؟ هل تأخرت سنة ، سنتين ، سنين ؟ عقدا ًمن الزمن ، عقدين ،عقود ؟ ما أخّرك كل العمر ؟ هل تاهت بك الدنيا الشاسعة ؟أم لفتك في جيدها الصحاري؟ من أين أتيت ؟ هل أتيتني من أقصى ركن في المعمورة ؟ من مغارب البلاد أم من المشارق ؟
رفعت إلي أناملك المرتجفة تود إغلاق فمي ، تود إسكاتي ، فصمتُ أنا وصمتَ أنت وخلا المكان إلا من حشرجة أناتك ورذاذ دمعي المنسكب على الأرائك ، ثم علا هدير همسك في أرجاء المكان يقطع صمتي وصمتك وصمت الانتظار ويدلي لي ببوح العمر على أعتاب بابي،يعلن لي لون قدومه، وسرّ جرحه العميق وأسرار غيابه ، ويقول لي بملء فيه : أتيتك حاملا ً جرحي وأنا الآن ببابك ، عقودا ً من الزمن أبحث عنك ، أفتش في المرايا ، أحدق في الظلال ، ثم قادتني نبضات قلبي المتدفقة إلى باب بيتك ، فهل تصدين جرح قلبي النازف ؟
رفعت يدي أتحسس وجنتيه الغارقتين بدمعه المنسكب كشلال هادر وجبينه الندي بحبيبات العرق الدافئ،وشعيرات رأسه المكسوة بالبياض، وقلت له ونيران قلبي تندفع أمامي كألسنة من اللهب المتصاعد : حدثني قلبي بأنك قادم ، فأعددت ريف الوسائد ، ونخب اللقاء ، وصبغت بالحناء بيض الجدائل ، وروضت أنفاسي الثائرة لتعزف لك أعذب الألحان ، ونظمت بيت القصيد لأروي جرحك النازف من زبد الكلمات والقصائد وأنرت شموع الفرح من وهج عينيّ ولب الأنامل. سأضرم النار أنا هذه الليلة وأعلن لك الحب والولاء ، أعلن لك أني أنا من سيضمد جرحك النازف ويكويه بجمر القبلات ، ويداوي نزف السنين عليه ويوقف سيل الدموع ويعيدها إلى المآقي ، لن نحتاجها الليلة ولا في كل الليالي ، أنتَ من هذه الليلة مرآة قلبي ونور عيوني ونسيم أنفاسي وحروف كلماتي وأشعاري ، بيت القصيد أنت ولساني لن يتلو الشعر إلا لأحداقك ، أنت الأمل القادم في ليلة الميلاد هذه ، وأنت الحلم العائد ، أنت الحلم ، أنت حلمي .. وأفقت من حلمي