نجوم مصرية
منتديات نجوم مصرية المنتدى العام أخبار الفن والفنانين



تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل




أدرينالين .. ‬بث مباشر من المشرحة .. ‬و جرائم تفتقد الإقناع !‬

 

في ذاكرتي من أيام الطفولة حلقات تليفزيونية أمريكية لا تنسي عنوانها ‬د.كوينسي ‬بطل الحلقات طبيب شرعي يحمل العمل اسمه وينجح في حلقة في حل لغز إحدي الجرائم من خلال قيامه بتشريح ‬الجثث وتحليل العينات، ‬وما أذكره جيداً ‬أن الحلقات كانت أولاً ‬عملاً ‬تسويقياً ‬جيد الصنع والحبكة ‬يعتمد علي تقديم جريمة ‬مقنعة في تفصيلاتها ودوافعها، ‬كما أنه يقدم ثانياً ‬تفصيلات علمية ‬عن دقائق عملية التشريح وأهميتها في كشف الجرائم، ‬وفي ذاكرتي أيضاً ‬من سنوات قليلة ماضية مشاهدة فيلم ‬صمت الحملان ‬بطولة ‬أنتوني هوبكنز ‬وجودي فوستر ‬وإخراج ‬جوناثان ديم‬، ‬وهو عمل يشرح النفوس بنفس الدرجة التي يشرح فيها الأجساد، ‬لدرجة أنه يقدم شخصية خيالية تماماً ‬هي ‬د. ‬هانيبال ‬بكل أبعادها وتفاصيلها، ‬كما لا ينسي تقديم العقدة التي تحكم حياة ضابطة الشرطة ‬جودي فوستر ‬مما يجعلها تشعر بالذنب تجاه الضحايا الذين لا يمكن انقاذهم.‬

النموذجان السابقان ضروريان للحديث عن فيلم ‬ادرينالين ‬الذي كتبه ‬محمد عبدالخالق ‬في تجربته الأولي ومحمود كامل ‬في الفيلم الثاني الذي يعرض له بعد ‬ميكانو ‬أدرينالين - ‬مع الأسف ـ هو النقيض من هذين النموذجين السابقين، ‬لقد انبهر صناعه بفكرة أنهم سيقدمون - ‬ربما للمرة الأولي - ‬بعض تفصيلات عمل الطبيب الشرعي في تشريح الأجساد، ‬ولكنهم نسوا أنهم يجب أن يقدموا عملاً ‬بوليسياً ‬مشوقاً ‬ومحكم الصنع، ‬ونسوا - ‬وذلك هو الأهم - ‬أن تشريح النفوس وتحليل الدوافع هو الأساس قبل تمزيق الأعضاء وفتح الأحشاء، ‬وبسبب كل ذلك حفل العمل بعدد لا بأس به من الثغرات والأعاجيب، ‬وبدت جرائمه بدون دوافع ‬مقنعة، ‬وظهرت ‬شخصيات أساسية بشكل ‬غامض كل ‬غايتها أن ترتكب جريمة لكي تنتقل في بث مباشر مطول إلي حجرة التشريح، ‬للقتل ثم تحدث الجريمة، ‬ثم تدور التحقيقات والتحريات، ‬ويسهم التشريح بدوره في تقديم المعلومات حتي الوصول إلي الجاني، ‬ولكن صناع ‬ادرينالين ‬يتوقفون طويلاً ‬أمام حجرة التشريح في مقابل إهمال كل العمليات السالفة الذكر، ‬ولذلك يبدو الأمر في كثير من لحظات الفيلم كما لو أنه مباراة للعبث باجساد الموتي!‬

حاول أن تركز معي، ‬وسأحاول - ‬من ناحيتي- ‬أن اركز لك التفاصيل الطويلة التي تأخذنا شرقاً ‬وغرباً ‬في ايقاع رتيب وبالحدود المتواضعة من الفضول والتشويق، ‬يستدعي ضابط الشرطة ‬محمود أبو الليل ( ‬خالد الصاوي) ‬ومساعده ‬عمر (‬إياد نصار) ‬للتحقيق في جريمة قتل، ‬رجل تم نزع جلد وجهه ويديه بعد طعنه وتركه في سرير بمنزل النحات ‬أسامة (‬سامح الصريطي) ‬وزوجته الجراحة منال (‬غادة عبد الرازق) ‬لأول وهلة سيكون استنتاج الشرطة ‬أن الزوج النحات هو القتيل خاصة أنه تشاجر مع زوجته ليلة الحادث، ‬ولكن ظهور الزوج ‬ينفي الاحتمال ويؤدي للافراج عن الزوجة. ‬وتندهش حقاً ‬لأن رجلي المباحث يكتفيان بأقوال الجيران والمعارف حول الزوج وزوجته، ‬ويبدو أن مؤلف الفيلم لا يعرف أن هناك ‬شيئاً ‬اسمه التحريات، ‬ولو أنهما جمعا تحريات عن الزوجة ‬وعلاقاتها تحديداً ‬لأمكن حل اللغز في دقائق الفيلم الأولي.‬

سنلاحظ بوضوح أن الهدف من ترك هذه الثغرات أن تتاح الفرصة ‬للطبيب الشرعي ‬الحلواني ( ‬محمد شومان) ‬وهو صديق دراسة ‬للضابط ‬أبو الليل ‬أن يتدخل حيث سيتم استدعاؤه ‬في شهر العسل لتشريح الجثة المشوهة، ‬وتخيل أن الطبيب سيقدم للضابطين مفتاحاً ‬عجيباً ‬للحل باكتشاف أن صاحب الجثة مصاب بتليف في الكبد، ‬وأنه يمتلك ‬سنة ‬بورسلين ‬وأن عليهم أن يبحثوا في عيادات الكبد والأسنان للوصول إلي صاحب الجثة، ‬ولعلك تتساءل: ‬ألم يكن من الأسهل استخدام الكمبيوتر لبناء صورة للوجه وعرضها علي الشهود بدلاً ‬من اصطحابهم بالدور لرؤية الرجل منزوع جلد الوجه، ‬الحقيقة أن صناع ‬ادرينالين ‬يرفعون شعاراً ‬طوال الفيلم ‬هو: ‬كل الطرق تؤدي إلي حجرة التشريح، ‬ولا مشكلة لدي علي الإطلاق في ذلك، ‬ولكن المشكلة في فشل الفيلم في ‬توظيف ذلك بشكل مقنع فالمشكلة الأكبر في ‬الإيحاء بأن اللغز متوقف علي التشريح مع أن بعض الاجتهاد في التحريات كان كفيلاًَ ‬بتوضيح الكثير من الأمور منذ البداية.‬

اكتفي الضابط ‬أبو الليل ‬بسؤال الشهود دون الحصول علي معلومات حقيقية عن بطليه الزوج ‬أسامة ‬والزوجة ‬منال‬، ‬والأخيرة لن تظهر بعد الجريمة إلا في لقطات قليلة مع أنها مفتاح الأحداث كلها، ‬الضابط لم ‬يكلف نفسه أن ‬يسألها حتي عن أسباب طلب الطلاق من زوجها النحّات، ‬وفي تعقيد جديد للأحداث سيعترف الزوج أنه قاتل الرجل المشوّه، ‬والذي نكتشف بعد الوصول إلي شخصيته باللف علي عيادات الإسكندرية، ‬أنه مدمن للمخدرات، ‬وسيُضيف الطبيب الشرعي معلومات إضافية هي أنه بلا قدرات جنسية، ‬أما الأعجوبة التي سينبني عليها اعتراف الزوج فهي أنه قتله اعتقادًا منه أنه عشيق زوجته، ‬ولكنه ‬يقول أنه قام بطعنه فقط، ‬ولكن حاشا لله أن ‬يكون قد سلخ جلد وجهه.‬

لو كنت مكان أصغر طالب في كلية الشرطة لما اكتفيت باعترافات الزوج، ‬ولقمت بتحريات موازية، ‬فالقتيل مسلوخ الوجه لا ‬يصلح عشيقًا لأسباب تتعلق بقدراته الجنسية، ‬وبسبب إدمانه، ‬والزوج ‬يقول أنه قتل ولم ‬يسلخ، ‬هاتان ثغرتان لا ‬يعترف بهما مؤلف الفيلم، ‬بل أنه ‬يجعل القاضي ‬يحكم علي الزوج بالإعدام، ‬والأغرب أن الضابط ‬أبو الليل ‬الذي تنتابه لحظات ثورة وصراخ أحيانًا لم ‬يفكر سوي في استجواب الزوج، ‬ولم ‬يذهب إلي الزوجة إلا بعد صدور حكم الإعدام علي زوجها، ‬كل هذه الثغرات تجعل الحبكة ضعيفة، ‬وتكشف عن رغبة المؤلف في أن ‬يكون الطبيب الشرعي هو مفتاح الحل في كل مرة وعندما تتناول الزوجة ‬منال ‬كميات من الأقراص المهدئة ‬يظهر ‬الحلواني ‬من جديد ليقوم بتشريح جثتها، ‬بل ويتحدث متفلسفًا عن أن الجثث تحوي أسرارًا، ‬ولا تكشف أسرارها إلا لمن ‬يطلبها، ‬ويشير إلي أن الجثة تناديه لكي ‬يكتشف الحقائق والألغاز، ‬وبالمقارنة مع ‬دكتور كوينسي ‬فإن الأخير كان أكثر تواضعًا واحترافًا وأقل فلسفة من الدكتور ‬الحلواني ‬الذي بدا أحيانًا كنموذج كاريكاتوري ‬يثير الضحك.‬

الاكتشاف الجديد للدكتور ‬الحلواني ‬هو أن الزوجة - ‬بعد تشريحها- ‬كانت حاملاً ‬في جنين عمره شهران، ‬وأنها تعرضت لانفعالات قاسية سببت لجوءها إلي الحبوب المهدئة بقصد السيطرة علي نفسها لا الانتحار، ‬وسيقود ذلك إلي اكتشاف عشيق للزوجة ستراه لأول مرة في الربع الأخير من الأحداث، ‬وهكذا ‬يبدو اللاعب الأساسي خارج تمامًا وسيتم الوصول إليه بطريقة ساذجة بالسؤال عن النقود التي قامت الزوجة بتحويلها إليه، ‬وستدخل علي الخط حكاية حقن ‬الضحية بالأدرينالين الذي ‬يزيد القوة والحيوية عند الخطر، ‬وستضحك عندما ‬يقوم العشيق بدفن الضابط في تربة حيًا، ‬أو عندما تقتحم الشرطة معمله الخاص، ‬باختصار، ‬ستكتشف ‬سوبرمان ‬يقتل ويسلخ ويحقن بالأدرينالين ويمارس الجنس مع عشيقته الجراحة في المشرحة (‬ألم أقل لكم أن كل الطرق تؤدي إليها)‬، ‬وهكذا ‬ينتهي فيلم بأكمله دون أن تعرف سوي أقل القليل عن شخصياته الثلاث: ‬الزوج والزوجة والعشيق، ‬ودون أن تقتنع بدوافعهم، ‬لن تفهم أبدًا لماذا خانت الزوجة زوجها رغم اقترانهما بعد قصة حب، ‬ولا لماذا تحول نحَّات في منتصف العمر إلي قاتل، ‬ولا لماذا قام العشيق بنزع جلد الوجه للمدمن الذي اكتشف علاقته مع ‬منال‬، ‬ولا لماذا تخلص من عشيقته ‬منال؟!‬
تابع نجوم مصرية على أخبار جوجل



كل ذلك لا ‬يهم، ‬وكأن صناع الفيلم ‬يقولون: ‬هه.. ‬مش شفتوا اللي بيحصل جوه المشرحة؟ إيه رأيكم في دكتور ‬كوينسي ‬المصري؟ وكأن مهارة الطبيب الشرعي لا تتم إلا في وجود ضابط بوليس خائب، ‬سيناريو بوليسي ‬يمثل هذه السذاجة من المستحيل أن ‬يصبح مشوقا حتي لو اعتقد المخرج ‬محمود كامل ‬أن حركة الكاميرا البطيئة تكفي لكي تنقل التوتر والقلق إلي المشاهد، ‬التشويق ‬يبدأ من ‬الورق ‬ومن البناء المحكم ومن العناية بالتفاصيل، ‬وإلا ستشعر حتمًا بالملل لا ‬يكفي أن ‬يتلاعب مدير تصوير كبير مثل ‬طارق التلمساني ‬بمساحات النور والظل علي الوجوه أو بأحزمة النور التي تبددها مروحة داخل المشرحة لكي تشعر بالخوف أو القلق، ‬ليس ممكنا أن تصدق ما ‬يفعله العشيق في النهاية دون أن تعرف عنه معلومات كافية، ‬حتي أداء ‬خالد الصاوي ‬واياد نصار ‬في دور الضابطين لم ‬يكن مقنعًا، ‬والأخير تحديدًا خذلته اللهجة المصرية في أكثر من مشهد، ‬وبدا ‬سامح الصريطي ‬مندهشًا مثلنا مما فعله الزوج، ‬في حين لم نفهم بالضبط هل شخصية الزوجة بأداء ‬غادة عبدالرازق ‬مريضة نفسيًا أم أنها تحت تأثير التنويم المغناطيسي؟






المقال "أدرينالين .. ‬بث مباشر من المشرحة .. ‬و جرائم تفتقد الإقناع !‬" نشر بواسطة: بتاريخ:



اسم العضو:
سؤال عشوائي يجب الاجابة عليه

الرسالة:


رابط دائم

مواضيع مشابهة:
‬محمد حسان« ‬و»حلمي ‬بكر« ‬و»فاء عامر« ‬و»محسن جابر« ‬ومالك قناة الفجر أبرز الضحايا
أنصار* ‬حزب* ‬التحرير* ‬يغلقون* ‬بيوت* ‬الدعارة* ‬بتونس* ‬وباجة* ‬والقيروان* ‬وسوسة
ملامح دراما 2011 .. السيرة الذاتية لـ ‬شادية ‬و صباح .. ‬إعادة ‬شباب امرأة ‬و سمارة ‬و الشيماء
شيرين ‬العائدة من الموت‬ أهانوني ‬في ‬كولومبيا ‬وأكرموني ‬في ‬باريس
إصابة ‬2 ‬وتحطيم ‬14 ‬سيارة و3 ‬محلات واحتراق شقة بسبب ‬150 ‬جنيها

Powered by vBulletin Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة © fmisr.com منتديات نجوم مصرية