يقول البنا فى كتابه مذكرات الدعوى والداعية تحت عنوان : ( الطريقة الحصافية ) ما نصه :
فى المسجد الصغير رأيت الإخوان الحصافية يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة
وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله بين المغرب والعشاء فاجتذبتنى حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانياتها الفياضة وسماحة هؤلاء الذاكرين من شيوخ فضلاء وشباب صالحين وتواضعهم لهؤلاء الصبية الصغار الذين اقتحموا عليهم مجلسهم ليشاركوهم ذكر الله تبارك وتعالى فواظبت عليها هى الاخرى
توطدت الصلات بينى وبين شباب هؤلاء الاخوان الحصافية ومن بينهم الثلاثة المقدمون الشيخ شلبى والشيخ محمد ابو شوشة والشيخ سيد عثمان والشبان الصالحون الذين كانوا اقرب الذاكرين إلينا فى السن : محمد افندى الدمياطى وصاوى افندى الصاوى وعبد المتعال افندى سنكل وأضرابهم وفى هذه الحلبة المباركة التقيت لأول مرة بالأستاذ السكرى فكان لهذا اللقاء أثر بالغ فى حياة كل منا ومنذ ذلك الحين أخذ اسم الشيخ الحصافى يتردد على الأذن فيكون له أجل وقع فى أعماق القلب وأخذ الشوق والحنين إلى رؤية الشيخ والجلوس إليه والأخذ عنه يتجدد حينا بعد حين وأخذت اواظب على الوظيفة الروحية صباحا ومساء
وزادنى بها إعجابا أن الوارد قد وضع عليها تعليقا لطيفا جاء فيه بأدلة صاغها جميعا من الأحاديث الصحيحة وسمى هذه الرسالة : ( تنوير الأفئدة الذكية بأدلة اذكار الرزوقية ) ولم تكن هذه الوظيفة اكثر من آيات من الكتاب الكريم وأحاديث من أدعية الصباح والمساء التى وردت فى كتب السنة تقريبا ليس فيها شئ من الألفاظ الأعجمية .... إلى أن قال : وزادنى تعلقا بالشيخ الجليل رحمه الله( يقصد الشيخ الحصافى ) أننى رأيت فى هذه الأثناء فى ما يرى النائم أننى ذهبت إلى مقبرة البلد فرأيت قبرا ضخما يهتز ويتحرك ثم زاد اهتزازه واضطرابه حتى انشق فخرجت منه نار عالية امتدت إلى عنان السماء وتشكلت فصارت رجلا هائل الطول والمنظر واجتمع الناس عليه من كل مكان فصاح فيهم بصوت واضح مسموع : ايها الناس إن الله قد أباح لكم ما حرم عليكم فافعلوا ما شئتم .. فانبريت له من وسط هؤلاء الجمع وصحت فى وجهه : كذبت والتفت إلى الناس وقلت لهم أيها الناس هذا ابليس اللعين وقد جاء يفتنكم عن دينكم ويوسوس لكم فلا تصغوا إلى قوله ولا تستمعوا إلى كلامه
فغضب الرجل وقال : لابد أن نتسابق أمام هؤلاء الناس فإن سبقتنى ورجعت إليهم ولم أقبض عليك فأنت صادق .. فقبلت شرطه وعدوت أمامه بأقصى سرعتى .. وأين خطو الصغير من خطوه الجبار وقبل أن يدركنى ظهر الشيخ من طريق معترضا وتلقانى فى صدره واحتجزنى يسارا ورفع يمناه مشيرا بها إلى هذا الشبح صائحا فى وجهه : اخسأ يا لعين فولى الأدبار واختفى وانطلق الشيخ بعد ذلك .. فعدت إلى الناس وقلت لهم : أرأيتم كيف أن هذا اللعين يضلكم عن أوامر الله واستيقظت وكلى شوق وتقدير وترقب لحضور السيد عبد الوهاب الحصافى نجل الشيخ رحمه الله لأراه واتلقى عنه الطريقة لكنه لم يحضر .
واقرأ قول البنا فى مذكراته فى كتابه "مذكرات الدعوة والداعية" ويذكرنى حديث المقبرة بما كان لأخينا فى الله الشيخ محمد ابو شوشة التاجر بالمحمودية علينا من فضل فى التربية الروحية : كان يجمعنا عشرة ويذهب بنا إلى المقبرة حيث نزور القبور ونجلس بمسجد الشيخ النجيلى نقرأ الوظيفة
ثم يعرض الشيخ ابو شوشة علينا القبور المفتوحة ويذكرنا بمصيرنا إلى ظلمة القبور ووحشتها و يبكى فنبكى ثم نجرى التوبة فى خشوع وحرارة واستحضار عجيب وندم وعزم .. ثم كثيرا ما كان يربط لكل واحد منا حول معصمه سوارا من الخيط الغليظ فإذا حدثته نفسه بالمعصية أو غلبه الشيطان فليمسك بهذا السوار وليتذكر بأنه تاب إلى الله وعاهده على طاعته وترك معصيته وقد كنا نستفيد من هذه النصيحة كثيرا فجزاه الله عنا خير الجزاء .... وظللت معلق القلب بالشيخ حتى التحقت بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده .
كنت مواظبا على الحضور فى مسجد التوبة فى كل ليلة وسألت عن مقدم الإخوان الحصافية الشاذلية فعرفت أنه الرجل الصالح التقى الشيخ بسيونى العبد التاجر فرجوته أن يأذن لى بأخذ العهد عليه ففعل
ووعدنى بأنه سيقدمنى للسيد عبد الوهاب الحصافى عند حضوره ولم اكن حتى ذلك الوقت قد بايعت أحدا فى الطريق بيعة رسمية
حضر السيد عبد الوهاب نفع الله به إلى دمنهور وأخطرنى الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ وذهبت إلى الوالد الشيخ بسيونى ورجوته أن يقدمنى للشيخ ففعل وكان ذلك عقب صلاة العصر من يوم 4 رمضان سنة 1341 وإذا لم تخنى الذاكرة فقد كان يوافق يوم الأحد حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وأدبنى بأورادها ووظائفها
وجزا الله عنا السيد عبد الوهاب خير الجزاء فقد أفادتنى صحبته أعظم الفائدة وما علمت فى دينه وطريقته إلا خيرا .. وفى هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس فى المحمودية جمعية إصلاحية هى جمعية الإخوان الحصافية الخيرية
وأختير أحمد افندى السكرى التاجر بالمحمودية رئيسا لها وانتخبت سكرتيرا لها .
استمرت صلتنا على أحسن حال بشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافى الشاذلى حتى أنشئت جمعيات الإخوان المسلمين وانتشرت وكان له فيها رأى ولنا فيها رأى وانحاز كل إلى رأيه ولا زلنا نحفظ للسيد ( عبد الوهاب الحصافى الشاذلى ) - جزاه الله عنا خيرا - أجل ما يحفظ مريد محب مخلص لشيخ عالم عامل تقى نصح فأخلص النصيحة وأرشد فأحسن الإرشاد .
استمرت صلتنا على أحسن حال بشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافى الشاذلى حتى أنشئت جمعيات الإخوان المسلمين وانتشرت وكان له فيها رأى ولنا فيها رأى وانحاز كل إلى رأيه ولا زلنا نحفظ للسيد ( عبد الوهاب الحصافى الشاذلى ) - جزاه الله عنا خيرا - أجل ما يحفظ مريد محب مخلص لشيخ عالم عامل تقى نصح فأخلص النصيحة وأرشد فأحسن الإرشاد .