أوضحت الدراسات أنه كثيراً ما يؤدي الغضب والتوتر النفسي إلى حدوث تأثيرات سيئة في الحمل . فقد يسبب تأخر حدوث الإخصاب ، حيث أن الغدة النخامية ، التي تتحكم بهرموناتها في حدوث التبويض اللازم للحمل تتلقى أوامرها من المخ ، ب فأن التوتر العصبي كثيراً ما يكون مرتبطاً بضعف ( التبويض ) واضطراب الدورة الشهرية ، وتأخر حدوث الحمل .
أما خلال شهور الحمل ، فقد ثبت أن للانفعالات النفسية تأثيراً سيئاً في استمرارية الحمل ، حيث إنه كثيراً ما تكون الانفعالات الحادة سبباً في حدوث انقباض في الرحم قد ينتهي بحدوث الإجهاض ، وهناك البعض لديهن استعداد لارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل ، ولذا تكون الانفعالات النفسية سبباً مباشراً في مضاعفات شديدة بالنسبة للجنين .
أما في أثناء الولادة ، فقد ثبت أن التوتر النفسي ، والخوف الشديد قد يسببان عدم انتظام الانقباضات الرحمية اللازمة لدفع الجنين ، ويترتب على ذلك أيضاً صلابة ، عنق الرحم وعدم تمدده ليسمح بمرور الجنين ، بما في ذلك من مضاعفات محتملة على الولادة ، وبعد الولادة .
وينصح العلماء بتجنب الانفعالات الشديدة ، حيث تبين أن عملية إدرار اللبن للرضاعة يعتمد اعتماداً كبيراً على الهدوء النفسي للأم المرضعة .
- سلوك الجنين في داخل الرحم مرهون بالظروف التي تحيط بالأم الحامل :
توصلت دراسة أجريت على المرأة الحامل ، إلى أن سلوك الجنين في داخل الرحم مرهون ، إلى حد كبير ، بالظروف التي تحيط بالأم الحامل .
وتؤكد البحوث أن الجنين في الشهور الأخيرة من الحمل ، يستجيب انفعالياً للضجة العالية ، التي تحدث قرب الأم الحامل ، حيث يتحرك بسرعة عالية حين حدوث أصوات قوية ومباغتة قريبة منه ..
وهذا يعني أن الجنين لا يعيش في عزلة عن الوسط الخارجي ومثيراته ، بل يتفاعل مع ذلك ويستجيب لمثيراته المختلفة ، وهذا يعني أيضاً أننا نستطيع أن نثير لديه ردود أفعال محددة في داخل رحم الأم ، عن طريق المثيرات الخارجية ، وب يمكن أن نهيئ الظروف المناسبة لنمو أفضل ، وحماية الجنين من الظروف ، التي تنعكس سلباً على بنيته النفسية .
ولذلك تشكل انفعالات الحامل وحالاتها النفسية البيئية النفسية ، التي تحيط بالجنين ، وهي بيئة بالغة التأثير ، في بنيته الذهنية والنفسية في المراحل الأخيرة من الحمل ، وبعد الولادة .
ولذلك تشير الأبحاث إلى أن من شأن التشنجات العاصفة للمرأة الحامل ، أن تؤثر في نشاط الجنين ومسار نموه تأثيراً بالغ الأهمية والوضوح ..
بل يذهب بعض العلماء إلى الاعتقاد بأن الجنين ، الذي ينمو في رحم أم تعاني من أزمة نفسية و عصبية حادة ، سيولد عصبياً منذ اللحظة الأولى لولادته ، وهذا ما يشير إلى أهمية المحيط الحيوي النفسي للأم ، في تأثيره على نمو الجنين وفي حياته النفسية ، بعد مرحلة الولادة .
وهذا يعني في نهاية المطاف ، أن الطفل العصبي ليس نتاجاً لمرحلة الطفولة الأولى ، وإنما هو نتاجاً لمرحلة حمل ، تفتقر إلى الظروف النفسية الملائمة لنموه ، بل ما قبل الميلاد ، أي عندما كان جنيناً ، حيث كانت الأم تعاني من توترات انفعالية ، وهكذا يتضح مدى أهمية الظروف النفسية والصحية ، التي تحيط بالأم الحامل ، وتأثير ذلك في نمو الجنين وفي حياته المستقبلية ، أي ما بعد الولادة .
- أهمية الحالة النفسية للأم الحامل :
كما تشير آخر الدراسات والأبحاث ، إلى أهمية الحالة النفسية للأم الحامل ، حيث أن الرعاية والاهتمام البالغ بها في الماضي ، قد اختفيا على نحو تدريجي ، فلا تجد الأم الحامل ، في الوقت الحاضر ، المساندة المطلوبة التي كانت تجدها في الماضي ، وب فإن الصعوبات النفسية هذه ، تظهر اليوم على شكل أزمة عند المرأة الحامل ، لذلك يقول أحد العلماء : ( يجب أن يحظى الجنين بالمحبة والحنان أثناء الحمل ، ولكي يحظى بذلك يجب على الأم أن تحظى بذلك به أولاً ) .
أي لابد من أجل ذلك ، أن نمنح الأم كل الحنان والمحبة والمساندة ، لنضمن لجنينها نمواً نفسياً وروحياً وجسدياً متوازناً .
- أضرار الغضب على القلب :
وفي دراسة أخرى ثبت أن التوتر الشديد والانفعالات الغاضبة الحادة يؤديان إلى نتيجة مؤكدة ، هي إسراف الغدة الحيوية في لإفراز عصارتها ، إلى حد سد الطريق أمام جهاز المناعة في الجسم ، كما يمكن أن يؤدي إلى أضرار بشرايين القلب ، واحتمال الإصابة بأزمات قلبية خطيرة ، ويصبح من العسير التحكم في أي انفعال مهما كان ضئيلاً .
فالحالة الجسمية للفرد لا تنفصل عن الحالة النفسية .