أضرار الحسد
قال أبناء يعقوب عليه السلام"إن أبانا لفي ضلال مبين" فيعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام يقول عنه أبناؤه انه في ضلال مبين فهذا دليل على أن الحسد أعمى بصيرتهم( وهم قد اجمعوا في هذه الجملة عددا من الكبائر:عقوق الأب ،وحسد الأخ،وغيبة أبيهم وسوء الظن به والاعتقاد الفاسد بالنسبة اليه في تفضيله، والإعجاب بالنفس بما لا يستلزم الفضل، وأشد هذه كلها الاعتقاد الفاسد في أبيهم،وتلفظهم بهذه الكلمة العظيمة باتهامه بالضلال"
وقال الشقنيطي رحمه الله في أضواء البيان (الظاهر أن مراد أولاد يعقوب بهذا الضلال الذي وصفوا به أباهم عليه السلام:إنما هو الذهاب عن علم حقيقة الأمر كما ينبغي.)
فإذا تسألنا عن مؤامرة أبناء يعقوب عليه السلام لوجدنا أن الدافع إليها هو:الحسد. فالحسد مرض خطير،حيث يتمنى الحاسد زوال النعمة عن أخيه الإنسان،كأن يحسده على ماله أو علمه أو منصبه...الخ وأبناء يعقوب حسدوا أخاهم على مكانته لدى والدهم.
قال تعالى:"أم يحسدون الناس على ما آتاهم من فضله"
وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي "ص" قال"إياكم والحسد،فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال :العشب"
وفي حديث لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي "ص"قال:إياكم والظن،فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا،ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا"
وقصة يوسف صورة جلية لما يفعله الحسد بالإنسان. فأبناء يعقوب عليه السلام حملهم الحسد إلى قطع الأرحام،وعقوق الوالدين، والكذب ،والافتراء. فالحسد من أعظم الكبائر عند الله،فالحاسد مضاد لنعمة الله. خارج عن أمر طاعته، تارك لعهده. فبه لعن إبليس، فطرده الله من جنته حيث امتنع عن السجود لآدم عليه السلام.وعن ذلك قال ابن المقفع"الحسد والحرص دعامتا الذنوب،فالحرص قد اخرج ادم من الجنة والحسد نقل إبليس من جوار ربه"
وقيل كان معاوية بن أبي سفيان يخاف حساده على ملكه،فقال :كل إنسان اقدر أرضيه إلا حاسد نعمة فلا يرضيه إلا زوالها.
فالحسد يضر الحاسد والمحسود معا.حيث انه ينهك صاحبه ويتعب نفسه ويجهدها ويسبب لها الآلام والعذاب.لان نار الحسد تأكل قلب الحاسد.وان حاول إخفاء أثر ذلك عليه.
قال المنفلوطي في كتابه النظرات:"قد جعل الله لكل ذنب عقوبة آتية يتألم لها. فالمقامر يوم نزول فقره،والسارق يوم زيارة سجنه، أما الحاسد فعقوبته حاضرة لا تفارقه ساعة واحدة، انه يتألم لمنظر النعمة كلما رآها)
قال سبحانه وتعالى(:نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا)"
وقال أيضا على لسان إخوة يوسف عليه السلام(:تالله لقد اثرك الله علينا)"
فالإيمان بهذه الآيات كفيل بان يجعل الإنسان راضيا بما قسم الله له، وبأن لا ينظر إلى غيره بعين ملؤوها الحقد والحسد.