قال [ومن له دار لا غنى له عن سكناها أو دابة يحتاج إلى ركوبها أو خادم يحتاج إلى خدمته, أجزأه الصيام في الكفارة]
وجملته أن الكفارة إنما تجب فيما يفضل عن حاجته الأصلية والسكنى من الحوائج الأصلية وكذلك الدابة التي يحتاج إلى ركوبها لكونه لا يطيق المشي فيما يحتاج إليه, أو لم تجر عادته به وكذلك الخادم الذي يحتاج إلى خدمته لكونه ممن لا يخدم نفسه لمرض أو كبر, أو لم تجر عادته به فهذه الثلاثة من الحوائج الأصلية لا تمنع التكفير بالصيام ولا الزكاة من الأخذ والكفارة وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة, ومالك: من ملك رقبة تجزئ في الكفارة لا يجزئه الصيام وإن كان محتاجا إليها لخدمته لأنه واجد لرقبة يعتقها, فيلزمه ذلك لقوله تعالى: {أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} فاشترط للصيام أن لا يجدها ولنا أنها مستغرقة لحاجته الأصلية فلم تمنع جواز الانتقال, كالمسكن والمركوب والطعام الذي هو محتاج إليه وما ذكروه يبطل بالطعام المحتاج إليه وبما إذا وجد الماء وهو محتاج إليه للعطش, فإنه لا يمنع الانتقال إلى التيمم ولأن وجدان ثمن الرقبة كوجدانها ولهذا لم يجز لمن وجد ثمنها الانتقال إلى الصيام, ومع هذا لو وجد ثمنها الذي يحتاج إليه لم يمنعه الانتقال, كذا ها هنا إذا ثبت هذا فإنه إن كان في شيء من ذلك فضل عن حاجته مثل من له دار كبيرة تساوي أكثر من دار مثله, ودابة فوق دابة مثله وخادم فوق خادم مثله يمكن أن يحصل به قدر ما يحتاج إليه وتفضل فضلة يكفر بها, فإنه يباع منه الفاضل عن كفايته أو يباع الجميع ويبتاع له قدر ما يحتاج إليه, ويكفر بالباقي وإن تعذر بيعه أو أمكن البيع ولم يمكن شراء ما يحتاج إليه ترك ذلك, وكان له الانتقال إلى الصيام لأنه تعذر الجمع بين القيام بحاجته والتكفير بالمال فأشبه ما لو لم يكن فيه فضل.
فصل
ومن له عقار يحتاج إلى أجرته لمؤنته أو حوائجه الأصلية أو بضاعة يختل ربحها المحتاج إليه بالتكفير منها أو سائمة يحتاج إلى نمائها حاجة أصلية, أو أثاث يحتاج إليه وأشباه هذا فله التكفير بالصيام لأن ذلك مستغرق لحاجته الأصلية, فأشبه المعدم.