كان قدماء المصريين أول من استخدموه، وعرف في عهد سيدنا موسى (عليه السلام) أثناء فترة الفقد
في الصحراء، عندما طلب قومه من الله تعالى أن ينزل عليهم طعامًا فقال لهم الله تعالى: "وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ
الْمَنَّ وَالسَّلْوَى"، والسلوى هو طائر السمان المعروف، والمنّ ثمار منها عيش الغراب، وعند رفض قوم
موسى الطعام قال لهم: "أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْر"، أي أن المن والسلوى هو أفضل ما
يؤكل من الأغذية جميعًا.
وكان يسمَّى لدى العرب بالكمأة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "الكمأة من المن ماؤها شفاء للعين".
ما هو عيش الغراب؟
هو فطر، وعادة ما يوضع في مملكة منفصلة عن النبات والحيوان، فهو لا يحتوي على الكلوروفيل الذي
يستخدمه النبات في طعامه من خلال عملية التمثيل الغذائي، ولكنه يعتبر من المترممات التي تعيش
على تحلل الكائنات الميتة.
ويتكون عيش الغراب من جسم يسمى بـالميسيليوم، وتحتوي ثمرته على بذور تسمى حويصلات، كما أن
جسمه يخزن المواد والمركبات الغذائية لإنتاج ثمرة عش الغراب حينما تكون الظروف مناسبة. كما أنه
يتنفس كالإنسان ولكنه بلا رئتين.. فهو يقوم بعملية تبادل الغازات مع الهواء الخارجي.. وهو يغرق كما
يغرق الإنسان إذا غطس تحت الماء، حيث لا يستطيع استبدال الأكسجين وتنمو البكتيريا اللاهوائية، وهو
كغالبية الكائنات الحية، ينمو في بيئة دافئة.. فالماء القليل أو الرطوبة العالية قد يتسببان في قتله.
وحول قيمته الغذائية يقول الدكتور رضا سكر الخبير بمركز تكنولوجيا الغذاء المصري: إن قيمة المشروم
الغذائية عديدة ومتنوعة، ويكفي أنه يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها جسم
الإنسان وهي موجودة بشكل طبيعي بجانب الفيتامينات B,C,d.
من أهم أنواعه المستخدمة كغذاء:
عيش الغراب العادي أو البوتون Agaricus:
ويسمَّى أيضًا الشامبيون الفرنسي؛ نظرًا لأن زراعته بدأت في باريس، وهو أكثر الأنواع شيوعًا في
العالم، وذو قيمة غذائية عالية، يحتوي الجرام الواحد من ثمار الفطر على كمية من فيتامين B، تساوي
الموجودة في 3 جرام بروتين حيواني، ويبلغ انتشاره في دول العالم إلى أكثر من 75% من الإنتاج
العالمي.
عيش الغراب الشيتاكي أو الصيني Volvariella:
ويُسمَّى بالنوع الذهبي، وهو أكثر الأنواع انتشارًا في آسيا منذ 2000م عام، ومحبَّب لمعظم دول جنوب
شرق آسيا، ويحتوي على الفسفور، والحديد، والمنجنيز، وفيتامين C، وبعض العناصر النادرة مثل
الأرجوسيترول، وهو من المواد المكونة للفيتامينات، والتي تقوِّي مناعة الجسم.
عيش الغراب المحاري Oyster:
ويكثر إنتاجه في جنوب شرق آسيا، واليابان، والصين، وينمو في المناطق تحت الاستوائية وفي الدول
الأوروبية.
وفي مصر، ويحتل المركز الثاني في الإقبال عليه في الأكل، ويحتوي على الماء وهي أهم مكوناته
وتبلغ 96% من وزن الثمرة، والكالسيوم، والفسفور، والماغنسيوم، والحديد.
يحتوي الفطر على:
1
– البروتينيات، وهي لازمة لنمو أنسجة الجسم وتعويض التالف منها، وهي ضرورية لنمو الأطفال،
والحفاظ على صحة الأم.
2 – الدهون، وهي مصدر أساسي للطاقة في الجسم، وتحتوي ثمار عيش الغراب على أحماض دهنية
غير مشبعة، وهي غير ضارة بالجسم، ولا تعمل على زيادة الكوليسترول في الدم مثل مثيلاتها في
الحيوانات.
3 - الكربوهيدرات: ويحتاجها الجسم كمصدر ثابت للطاقة ليقوم بوظائفه الفسيولوجية على الوجه الأكمل.
4 - الألياف: وتخلو ثمار عيش الغراب من الألياف غير القابلة للهضم، بالمقارنة بغيرها من النباتات.
5 - الأملاح المعدنية: وهي تدخل في تركيب الأجسام، وتنظيم العمليات الحيوية بها، مثل بناء الهيكل
العظمي للإنسان: منها أملاح البوتاسيوم - الماغنسيوم - الحديد.
استخدامات عيش الغراب الطبية
بإضافة ثمار عيش الغراب إلى طبق الفول يؤدي لعدم الإصابة بمرض أنيميا الفول
ويستخدم عيش الغراب الشيتاكي عند تناوله لفترة طويلة في تقليل نسبة الكوليسترول في بلازما الدم بدرجة محسوسة؛ نظرا لأنه يتميز بقلة الدهون الموجودة به
وذلك يفيد مرضى السكر، وارتفاع ضغط الدم، ومرضى القلب.
وأظهرت النتائج العملية مؤخرًا أن ثمار عيش الغراب من النوع Lepista nebularis تحتوي على نسبة من
المضاد الحيوي له تأثير فعَّال ضد الخلايا السرطانية التي تصيب الجسم، وحماية الجسم من فقد مناعته
الطبيعية الإيدز.
وأيضًا وجد الباحثون أن مستخلص ثمار عيش الغراب الشيتاكي يحتوي على مواد مضادة لفيروس الإنفولنزا
ويعالج عيش الغراب فقر الدم، والدوسنتاريا، والإسهال، ويسكِّن آلام الكبد، وأيضًا يعالج الآلام التي
تصيب المعدة والإمساك.
وبتناول حساء عيش الغراب بانتظام، يعالج أمراض التهابات القولون، والتقرحات التي تصيب الغشاء
المخاطي للجهاز الهضمي
كما تعمل ارتفاع نسبة الماء في الفطر المحاري على تعويض الماء الذي يفقده مريض البول السكري