الدوالي التي تضايق ملايين النساء، والرجال أحياناً، تأخذ أشكالاً وأحجاماً مختلفة، فمنها العنكبوتية الدقيقة التي ينحصر إزعاجها في الناحية الجمالية، ومنها الكبيرة المنتفخة التي لا تكتفي بالإزعاج، بل ترفقه بالألم.
تظهر الدوالي أو الأوردة المتسعة نتيجة تراجع في نشاط الدورة الدموية وضعف في صمامات الأوردة. فكل وريد في ساقينا مجهز بصمامات حساسة تنفتح لتسمح للدم بالانسياب إلى القلب، ثم تنغلق كي لا تتمكن الجاذبية من سحب الدم مجدداً إلى الساقين. وعندما تضعف هذه الصمامات أو تُصاب بالبلَى، يتجمّع الدم ويركد في الأوردة، متسبِّباً في توسيع جدرانها وتشكل ما يُطلق عليه الأطباء اسم الدوالي. وغالباً ما تكون السيقان أكثر مناطق الجسم تعرضاً للاصابة بالدوالي، التي نراها بوضوح عبر سطح الجلد. ومع الوقت يتحول التمدد في الأوردة إلى ما يشبه الانتفاخ، ويميل لونه إلى الأزرق وقد يصبح مؤلماً. وإذا لم تتم معالجة الدوالي، يمكن أن تتقرح، خاصة لدى المتقدمات في السن. والواقع أن كل ما يسهم في إبطاء عودة الدم من الساقين إلى القلب يزيد من تفاقم ظاهرة الدولي.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك علاقة وطيدة بين الدوالي والإمساك. فعندما نضطر إلى والدفع للتخلص من الفضلات، يندفع الدم إلى الجزء السفلي من الجسم، ما يزيد من مشكلة الدوالي. وللدوالي علاقة أيضاً بالوقوف أو الجلوس لساعات طويلة، وبزيادة الوزن، وبالحمل، والإكثار من الجلوس مع وضع ساق فوق أخرى. ويزداد قلق الأطباء اليوم من انتشار مشكلة الدوالي، حتى في صفوف الأطفال دون سن 11، وذلك بالطبع بسبب الجلوس الطويل أمام شاشة التلفزيون أو شاشة الكمبيوتر.
وهناك مشكلة أُخرى شائعة أيضاً، هي الأوردة العنكبوتية، وهي عبارة عن أوعية شعرية دقيقة نفاذة جداً وممددة بشكل مزمن، موجودة على مقربة من سطح الجلد. وعلى الرغم من أنها غير ضارة ونادراً ما تسبب أية مشاكل، إلا أنها قد تكون مزعجة جداً على المستوى الجمالي. ويمكننا الوقاية منها أو التخفيف من تفاقمها بالطرق نفسها المتبعة في حالة الدوالي.
الأطعمة التي يجب تفاديها:
- الوجبات الثقيلة الدسمة، اللحوم الحمراء، الأجبان، فكلها فقيرة في الألياف الغذائية ويستغرق هضمها وقتاً طويلاً، ما يمكن أن يفاقم مشكلة الإمساك. إضافة إلى ذلك، فإنّ الدهون المشبعة والمهدرَجة والمقلية، تُسهم في زيادة كثافة الدم، ما يجعله ينساب ببطء في الأوردة والشرايين، ما يزيد من خطر الإصابة بمشاكل في الأوعية الدموية.
- الأطعمة المحضرة من الدقيق الأبيض، فهي تسهم في سَدّ الأمعاء. لذلك يجب التخفيف من تناول الأطعمة التي تعتمد في تركيبتها على الدقيق، خاصة الـ«كرواسان»، فطائر اللحم، الـ«بيتزا»، الكعك، البسكويت وغيرها. ويتوجَّب اختيار الحبوب الكاملة عِوضاً عن الحبوب المقشورة المصنَّعة كلما أمكن ذلك. يجب مثلاً تناول خبز الـ«جاودار» أو الحنطة، الأرز البنِّي، الشوفان، الكينوا، الشعير.
- القهوة، الشاي، الكولا والمشروبات الغازية كافة.
الأطعمة المفيدة:
- ثمار العليق مثل التوت الأسود، توت الأرض، العنبية، والبطاطا الحلوة، اليقطين، الكرز، المشمش، السبانخ، الملفوف، الخضار الورقية الخضراء. كذلك من المفيد جداً تناول الحمضيات، البروكولي، العنب الأحمر، الـبابايا، الطماطم، الشاي. فجميع هذه المنتجات الطبيعية غني بالفلافونويدز والفيتامين «C»، وهي مضادات أكسدة قوية تساعد على تقوية الأوعية الشعرية، وتخفف من خطر الإصابة بالبواسير، التخثُّـر (تكون الجلطة أو وجودها في الوعاء الدموي) والكدمات الزرقاء.
- الحنطة السوداء وقشور التفاح تحتوي على عنصر الـ«روتن»، الذي يساعد على تقوية جدران الأوردة.
- الأفوكادو، البذور المتبرعمة، مثل الفصفصة، البيض، جنين القمح والمكسرات النيئة، فهي غنية بالفيتامين «E» الذي يخفف من لزُوجة الدم.
- الثوم، البصل، الزنجبيل، الفلفل الحار، فهي تنشّط الدورة الدموية.
- الأسماك، خاصة الدهنية منها. فأحماض «أوميغا/3» الدهنية الموجودة فيها، تخفف الألم وتساعد على إبقاء الأوعية الدموية مرنة ولينة. ويُستحسن تناول ما بين حصتين وثلاث حصص من السمك أسبوعياً. ويتوجّب أيضاً تناول بذور دوار الشمس، اليقطين، السمسم والكتّان، فهي غنية أيضاً بأحماض «أوميغا/3» الدهنية، إضافة إلى الألياف الغذائية.
- ما بين 6 و8 أكواب من الماء يومياً، فالماء يسهم في استقرار ضغط الدم ويساعد على التخفيف من الإمساك.
- الفواكه، الخضار، الحبوب الكاملة، الأرز البنِّي، الكينوا، العدس والفاصولياء، هي أفضل مصادر للألياف الغذائية الضرورية لمكافحة الإمساك.
- الخوخ المجفف مفيد جداً في حالات الإمساك الصعبة، التي لا ينفع فيها تناول الألياف الغذائية والماء وممارسة الرياضة فقط. يمكن تناول 4 حبات من الخوخ المجفف قبل الوجبة.
أبرز العلاجات:
يمكن لمن تعاني الدوالي، استشارة الطبيب بشأن تناول أيٍّ من العلاجات :
- منذ قرون وخلاصة النباتات، مثل «الآس البري الشائك» (Butcher`s broom)، و«بذور كستناء الحصان» (Horse chestnut seeds) تُستخدم للتخفيف من الالتهابات والانتفاخ المرتبط بمشاكل السيقان، وجاء العلم اليوم ليؤكد فاعلية هذه العلاجات الطبيعية. ويقول المتخصص الأميركي الدكتور جون ويلكنسون، إنه تَبيَّن أنَّ مواد فاعلة تُدعَى «سابونينز» موجودة في جذور وبذور هذه النباتات، تقوِّي الأوردة وتساعد على انقباضها، وتتمتع بخصائص مضادة للالتهابات، وتخفف الانتفاخ، ما يحسِّن عملية عودة الدم إلى القلب. والمواد الموجودة في هذه النباتات آمنة، ويمكن تناولها يومياً على شكل أقراص. ولكن يجب على الحوامل في الأشهر الثلاثة الأولى الامتناع عن تناولها، وكذلك الأشخاص الذين يتناولون أدوية مسيلة للدم. ويمكن أيضاً استخدام خلاصة هذه النباتات خارجياً على شكل مراهم. وتبيَّـن أن فاعليتها تتضاعف إذا تم تناولها مع بعضها والفيتامين «C» والـ«روتن».
- معدن السيليكا مفيد جداً لتقوية الأوردة، يمكن تناول 200 ملغ منه يومياً.
- عشبة (Gotu kola) تلعب دوراً بارزاً في تحسين الدورة الدموية في الأطراف السفلَى، وتعزِّز عملية ترميم الأنسجة الضامّة. يمكن تناول 500 ملغ منها مرتين يومياً.
- مضادات الأكسدة مثل فيتامينات (A،C،E) والسيلينيوم والأنزيم المساعد «Q10»، تساعد على التخفيف من الأضرار، التي تسبِّبها الجزيئات الحرَّة في الأوعية الدموية، كما أنها تسهم في عملية ترميم الأنسجة الرابطة. يمكن تناول ما بين غرام وغرامين من فيتامين «C» يومياً مع الوجبات، و400 وحدة دولية من فيتامين« E» الذي ينشّط الدورة الدموية، لِـمَـا يتمتع به من خصائص مضادة للتخثُّر.
- إذا كانت الأوردة مؤلمة ومنتفخة، يمكن دهنها بمرهم أو بخلاصة الـ«همامليس» (Witch Hazel). ويمكن أيضاً تناول خلاصة هذه العشبة على شكل أقراص، فهي تخفِّف من الانتفاخات. كذلك يمكن استخدام مرهم يحتوي على الفيتامين «E»، مع قطرتين من زيت العرعر العطري على المناطق المؤلمة.
نصائح عملية مفيدة:
- المرأة التي تقضي وقتاً طويلاً واقفة، تنصحها المتخصِّصة في العلاج الطبيعي، جيرالدين واتكينز، بالاستلقاء على الأرض، وثَني الركبتين ورفع الساقين على كرسي أو على السرير، لمدة ربع ساعة يومياً لإراحة صمامات أوردة الساقين، ولتعزيز عملية امتصاص الجسم للسوائل الزائدة. ويمكن استخدام كمادات ماء باردة على الساقين في حالة انتفاخهما.
- من الضروري للصحة العامة وصحة الأوعية الدموية، المواظبة على ممارسة النشاط البدني. وحتى المشي السريع لمدة 40 دقيقة أو ساعة يومياً، يُعتبر مفيداً جداً. أما التمارين الأفضل لصحة الأوردة، فهي القفز بالحبل، كرة المضرب، الهرولة، والرقص، إضافة إلى السباحة التي تعتبر الرياضة المثالية لصحة الساقين.
- المرأة التي تقف لمدة طويلة، يفيدها استخدام نعل باطني طبي داخل حذائها، يساعد على دعم قوس القدم. كذلك يجب تفادي ارتداء أحذية ذات كعب يزيد طوله على 5 سنتيمترات. وفي حال ظهور أول عوارض الدوالي يجب ارتداء الجوارب الخاصة التي تباع في الصيدليات.
- المرأة التي تجلس إلى المكتب ساعات طويلة، يجب أن تأخذ بانتظام فترات راحة خلال النهار، وتبحث خلالها عن درج تصعده لتمرّن ساقيها. وعند الجلوس، عليها أن تحرص على أن يكون مستوى ركبتيها أكثر انخفاضاً من وركيها، وذلك للتخفيف من انضغاط الشرايين والأوردة في منطقة أعلى الفخذين. كذلك يجب تفادي ارتداء البناطيل الضيقة، التي تزيد من على هذه المنطقة وعلى ربلة الساقين أثناء الجلوس لفترات طويلة.
- يجب تفادي وضع الساق على الساق، ورفع أشياء ثقيلة، أو تعريض الساقين لأي ضغط غير ضروري.
- من المفيد اللجوء إلى العلاجات الطبيعية مثل «العلاج الارتكاسي» (Reflexology) والوخز بالإبر والتدليك، فجميعها تساعد على تنشيط الدورة الدموية.
- في الحالات التي تكون فيها الأوردة مؤلمة، يمكن استخدام كمّادات من الماء الفاتر، بعد إضافة بضع قطرات من زيت السرو، وزيت إبرة الراعي العطريين. أما في حالات التورّم فيجب استخدام كمادات ماء بارد.
- من الضروري تَفادي الإمساك، فالضغط لإخراج البُراز يدفع بالدم إلى القسم السفلي من الجسم، ما يُفاقم المشكلة. والواقع أن البواسير ليست إلا دوالي في منطقة الشرج.
- يمكن علاج الأوردة العنكبوتية التي قد تظهر على الوجه، باستخدام إبرة دقيقة يقوم الطبيب بغرسها بسرعة في نهاية كل وعاء شعري، ويمرر عبرها تياراً كهربائياً خفيفاً يكوي هذا الوعاء الدموي الدقيق، ثم يقوم الطبيب بغرس الإبرة بسرعة داخل الوريد على طوله فيختفي. ويطلب الطبيب من المريضة في هذه الحالة الإبقاء على المنطقة التي خضعت للعلاج جافة لأيام عدّة.
- يمكن أيضاً اللجوء إلى أشعة «الليزر» لعلاج الأوردة العنكبوتية. ويُعتبَر هذا العلاج أكثر فاعلية من العلاج بالإبر، لأن الليزر «يهشّم» هذه الأوردة الدقيقة. وعلى الرغم من بعض الكدمات الزرقاء، التي تَظهر بعد العلاج وتستمر بضعة أيام، إلا أنه يُعتبَر فاعلاً جداً.
- لتفادي ظهور الأوردة العنكبوتية الدقيقة على الوجه، يجب الامتناع عن استخدام المياه الساخنة جداً أو الباردة جداً عند غسل الوجه. ذلك أن الحرارة الزائدة، مرتفعة كانت أم منخفضة، يمكن أن تتسبَّب في تمزّق الأوردة الدقيقة الحساسة.
- يستحسن عدم التعرُّض للرياح القوية، ويَتوجَّب استخدام طبقة سميكة من المراهم الواقية في حالات الصعود على متن قارب في رحلة بحرية، أو عند ممارسة رياضة التزلج.
- يجب التخفيف قدر الإمكان من التعرض لأشعة الشمس، خاصة على شاطىء البحر، فهي تؤثر سلباً في الدوالي.
و أخيراً ينصح الدكتور جون سكار، المتخصص الأميركي في أمراض الأوعية الدموية، بالخضوع لتشخيص دقيق للحالة. ويقول إنَّ الكثير من الناس يعتبرون أن لا جدوى من علاج الدوالي أو البواسير، لانها تعود وتظهر من جديد. لكن تقنيات التشخيص والعلاج الحديثة المستخدمة اليوم، تعطي نتائج جيدة تدوم مدة طويلة، وقد تكون دائمة أحياناً.
المصدر:
مجلة زهرة الخليج الخميس 11 فبراير 2010 م
اقرأ أيضًا:
دوالي الخصية.
دوالي الساقين.
دوالي الحبل المنوي.