اليوم إلى كم هائل من الرسائل العنيفة عبر وسائل الإعلام سواء عن طريق الأفلام أو الإعلانات أو ألعاب الفيديو.
قبل تناول موضوع وسائل الإعلام وحماية الأطفال من العنف بالمدارس، لا بد لنا من تعريف مختصر لأهم المفاهيم ذات العلاقة (الطفل وسائل الإعلام، العنف) والتوقف عند بعض الحقائق المتعلقة بالعنف ضد الأطفال تعميمًا للفائدة.
وسنتطرق إلى تأثير وسائل الإعلام في تنشئة الطفل وما يمكن أن يسببه من انتشار للسلوك العنيف لديه مع التركيز على التليفزيون باعتباره الوسيلة الإعلامية الأكثر استهلاكًا منا لفئة العمرية المعنية في إطارنا هذا وهي الطفولة المبكرة، كما سنتعرض إلى دور وسائل الإعلام في التصدي للعنف ضد الأطفال.
الطفل:
تعرف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، في المادة الأولى منها أنه "كل إنسان لم يبلغ الثامنة عشر". هذا التعريف القانوني للطفل الذي اتفقت عليه المجموعة الدولية لا ينفي الخصائص النفسية والاجتماعية لكل مرحلة عمرية. ويقسم علماء النفس والطفولة إلى مرحلة الطفولة الأولى (من الولادة إلى 3 سنوات) الطفولة الثانية (من 3 سنوات إلى 6 سنوات) الطفولة الثالثة (من 7 سنوات إلى البلوغ) ثم المراهقة.
وسائل الإعلام:
يمكن تعريف الإعلام أنه "تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعه من الوقائع أو مشكلة من المشاكل بحيث يعتبر هذا الرأي تعبيرًا موضوعيًا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم.
فالإعلام إذًا هو عملية تعبير موضوعي يقوم على الحقائق والأراقم والإحصاءات ويستهدف تنظيم التفاعل بين الناس من خلال وسائله المتعددة.
أما وسائل الإعلام فهي مجموعة المواد الأدبية والعلمية والفنية المؤدية للاتصال الجماعي بالناس بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال الأدوات التي ينقلها أو يعبر عنها مثل الصحافة والإذاعة والتليفزيون ووكالات الأنباء، والمعارض والمؤتمرات وغيرها.
العنف:
يمكن أن نصنف العنف إلى نوعين منه ما هو موجه ضد الطفل ومنه ما هو صادر عنه.
بالنسبة للنوع الأول تُعرّف دراسة للأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال، الصادرة في نهاية سنة 2006، أنه الاستخدام المتعمد للقوة أو السلطة أو التهديد بذلك ضد الذات أو شخص آخر مما يترتب عليه أو ممكن أن يترتب عليه أذى أو موت أو إصابة نفسية أو اضطراب في النمو، ويشمل العنف كذلك استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة وعمالة الأطفال، كما تعتبر بعض الممارسات الصحيحة الخاطئة مثل ختان البنات ضربًا من ضروب العنف المسلط على الطفل.
أما النوع الثاني من العنف فهو العنف عند الأطفال وهو كل الأفعال التي يمنعها القانون أو العرف الاجتماعي والأخلاقي والتي تُلحق الضرر بالآخرين مثل الاعتداء البدني أو اللفظي وغيره.
حقائق حول العنف ضد الأطفال:
كشفت دراسة للأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال، التي تنتظر إلى العنف من منظور حقوق الإنسان والصحة العامة وحماية الطفل، أن العنف منتشر في جميع أنحاء العالم، وأنه يشمل كل البيئات دون استثناء، وهي البيت والأسرة، والمدارس، والبيئات التعليمية، والمؤسسات (الرعائية والقضائية)، ومكان العمل، والمجتمع المحلي.
وقد يتصدّر العنف المفرط ضد الأطفال عناوين الصحف، ولكن الدراسة تخلص إلى أن العنف بالنسبة لكثير من الأطفال أمر روتيني، وأنه يشكل جزءًا من واقعهم اليومي.
يحظى العنف ضد الأطفال بالقبول المجتمعي محاطًا بالصمت ومختفيًا عن الأنظار أو لا يتم مستواه الحقيقي، إلا أن الإحصاءات الواردة بالتقرير تكشف معطيات خطيرة فعلى سبيل المثال:
تقدر منظمة الصحة العالمية أن قرابة 53000 طفل بين سن الولادة والسابقة عشرة، ماتوا في عام 2002 نتيجة للقتل!
وفقًا لآخر تقديرات مكتب العمل الدولي، بلغ عدد الأطفال المنخرطين في أعمال السخرة أو الأرقام 5.7 مليون طفل، وعدد العاملين في البغاء، وإنتاج المواد الإباحية 1.8 مليونًا، وعدد ضحايا الاتجار 1.2 مليون طفل في عام 2000.
في 16 من البلدان النامية التي تستعرضها دراسة عالمية للصحة في المدارس، تراوحت نسبة الأطفال في سن المدرسة الذين تعرضوا للمضايقات الشفوية أو البدنية في المدرسة خلال الأيام الـ 30 السابقة على المسح ما بين 20 في المائة في بعض البلدان وما تصل نسبته إلى 65 في المائة في بلدان أخرى.
قد تتفاوت تأثيرات العنف على الطفل حسب طبيعته وشدّته، إلا أن تداعياته، على الأمدين القصير والبعيد، جسيمة ومدمرة في الكثير من الأحيان، ويمكن للجراح البدنية والعاطفية والنفسية التي يخلّفها العنف أن تترك انعكاسات شديدة الضرر على نماء الطفل وصحته وقدرته على التعلم، ويتبين من بعض الدراسات علاقة التعرّض للعنف في الطفولة بالسلوكيات المضرة بالصحة في المراحل اللاحقة من الحياة، كالتدخين وإدمان الكحول والمخدرات والخمول البدني والسمنة المفرطة، وتسهم هذه السلوكيات بدورها في بعض الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة، بما فيها الأورام السرطانية.
وقال احد مسئولي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "إن العنف ضد الأطفال يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان، وهذا واقع مؤّرق في مجتمعاتنا. فلا يمكن أبدًا تبريره سواء لأسباب تأديبية أو كتقاليد ثقافية. ولا يوجد شيء مقبول اسمه مستوى "معقول" من العنف ذلك أن إضفاء صيغة الشرعية على العنف ضد الأطفال في سياق من السياقات ينذر بخطر قبوله بصفة عامة.
كما قالت المديرة التنفيذية لليونيسيف "إن العنف لا يترك أثرًا دائمًا على الأطفال وأسرهم فحسب، وإنما أيضًا على المجتمعات والدول".
ويقول الأستاذ الآخر : "إن أفضل طريقة للتعامل مع العنف ضد الأطفال هي وقفة قبل حدوثه. ولكلًّ منا دور يؤديه في هذا الصدد، ولكن الدول لا بد أن تضطلع بالمسئولية الرئيسية. وهذا يعني حظر جميع أشكال العنف ضد الأطفال أينما حدثت وأيًا كان مرتكبها، وأنه من الضروري إخضاع الأشخاص للمساءلة عن أفعالهم، إلاّ أن إيجاد إطار قانوني قوي لا يقتصر على العقوبات وحدها، بل يشمل توجيه رسالة قوية لا لبس فيها مفادها أن العنف ضد الأطفال ليس مبررًا أبدًا.
وتتفق كل الصكوك الدولية، وخاصة الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، على حق الطفل المطلق في الحماية من العنف ومن جميع أنواع الإساءة البدنية والنفسية، إلا أن واقع الأطفال في العديد من بلدان العالم لاسيما في عالمنا العربي لا يزال في حاجة إلى تضافر الجهود من أجل رفع التحديات وكسر حاجز الصمت إزاء العنف المسلط على الأطفال وجعله عالمًا جديرًا بأطفاله.
وسائل الإعلام والعنف ضد الأطفال:
لا بد من الإشارة قبل تناول موضوع وسائل الإعلام والعنف ضد الأطفال، إلى علاقته بحقوق الطفل التي تضمنها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تصادقت عليها كافة الدول العربية – عدا الصومال – التي تؤكد في المادة 17 على "الوظيفة المهمة التي تؤديها وسائل الإعلام وتضمن إمكانية حصول الطفل على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية. إن حق الطفل في الحصول على المعلومات والترفية والمشاركة لا يجب أن يتم بمعزل عن حقه في الحماية المنصوص عليه بالمادة 19 من الاتفاقية. والعنف من خلال وسائل الإعلام أحد أنواع المعلومات الضارة التي يتعرض لها الطفل، وسنكتفي للضرورة المنهجية بالتعرض إلى التليفزيون كأحد الوسائل التي تبث صور العنف والأكثر استهلاكًا من قبل الطفل في سن الطفولة المبكرة إن لم نقل الوسيلة الوحيدة التي يتعاطى معها في جزء أول، ثم إلى دور وسائل الإعلام في التصدي للعنف ضد الأطفال.
تأثير العنف في التليفزيون على الطفل:
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًا في بث العنف في مجتمعاتنا الحديثة ويتعرض الأطفال اليوم إلى كم هائل من الرسائل العنيفة عبر وسائل الإعلام سواء عن طريق الأفلام أو الإعلانات أو ألعاب الفيديو إلا أن التليفزيون أصبح الوسيلة الأكثر تأثيرًا في التنشئة الاجتماعية للطفل وب الأكثر تأثيرًا وقدرة على إيصال الرسالة الإعلامية والقيام بدور مهم وحيوي في إطار الوسائل التربوية والتثقيفية والترفيهية، وهو من شأنه أن يكمل الدور التربوي للأسرة والمدرسة، وأن يكون وسيطًا تربويًا لبث القيم وتغيير الاتجاهات بما ينعكس سلبًا أو إيجابًا على الأنماط السلوكية السائدة في المجتمع، حسب مضمون الرسالة الإعلامية.
وفي دراسة للاستشاري النفسي د. مروان مطاوع عن تنمية وحماية وتنشئة الإعلام والطفل، أشار إلى أن الإعلام بوسائله وإدارته ومضمونه قد يكون أداءه للتنشئة الإيجابية للطفل وحماية له من أي انحرافات سلوكية أو قيمية، إلا أنه قد يكون ذا تأثير سلبي وخطر على الصحة النفسية والعقلية للطفل.
يختلف تأثير العنف المتلفز على الأطفال حسب عدة متغيرات، ويرتبط هذا التأثير بعوامل عديدة منها عدد الساعات التي يقضيها الطفل في مشاهدة البرامج التلفزية بمفرده أو برفقة عائلته، سن الطفل وجنسه وشخصته، وهل يكتفي الطفل بالمشاهدة أو تتاح له الفرصة لمناقشة ما يراه من مشاهد مع أسرته.
يتميز الطفل في سن الطفولة المبكرة بحبه للحركة والاكتشاف وهو بذلك يميل إلى البرامج التي تتسم بالحركية والفرجوية والموسيقى، ويبدأ الأطفال في هذه السن باكتشاف العالم عن طريق التليفزيون، وتعرض الأطفال في هذه السن إلى مشاهد العنف يجعلهم يشعرون بالخوف، فهم غير قادرين على التفريق بين الواقع والخيال ولا يفهمون جيدًا ما يرون حتى أنهم يعتقدون أن الومضات الإشهارية جزء من البرنامج الذي يشاهدونه.
خلصت دراسة تم إنجازها في كندا إلى أن أفلام الكرتون تحتوي على أكثر مشاهد عنف بخمس مرات من البرامج العادية، وأن الأطفال يصابون بالخوف أمام المشاهد الحقيقية للعنف إلا أن مشاهدة أفلام الكرتون تجعلهم أكثر ممارسة للعنف في لعبهم.
وقد بينت البحوث أن رد فعل الطفل إزاء مشاهدته للعنف على الشاشة يمكن أن يكون من ثلاثة أنواع:
الخوف: يمكن أن يؤدي التعرض إلى مشاهد أو رسائل عنيفة إلى تنامي الشعور بالخوف لدى الأطفال وفقدان الثقة بالمحيطين بهم. والرد العدواني التلقائي. ويشعر الأطفال في سن الطفولة المبكرة بالرعب لمشاهدة الكوارث الطبيعية والحروب، حيث يعتقدون أن الأحداث تدور في أماكن قريبة منهم، ويمكن أن تلحق الضرر بهم وبأقربائهم.
العلاقة بين مشاهدة العنف والسلوك العدائي لدى الطفل:
بينت العديد من الأبحاث أن رؤية المشاهد التي تتسم بالعنف في التليفزيون سواء في البرامج أو أفلام الكرتون أو أفلام أو الحوادث والحروب والكوارث الطبيعية تزيد من درجة العدوانية لدى الأطفال وتسبب لهم اضطرابات نفسية.
وتبين الدراسات أن الذكور تعرضًا للتأثيرات السلبية للعنف المتلفز من الإناث، من حيث تنامي السلوك العدواني لديهم.
العنف المتلفز كسلوك اجتماعي وفردي مقبول:
يشكل التعرض المفرط إلى مشاهد العنف من خلال الشاشة عاملاً في اتجاه التعود على السلوك العدواني والعنيف واستساغته وعدم الوعي بخطورة النتائج المنجزة. فالأطفال يميلون إلى تصديق ما يرونه على الشاشة دون التفريق بين الحقيقة والخيال، خاصة عندما يرتبط العنف بمواقف هزلية أو يصور المتعاطي للعنف كبطل ينتصر على الأشرار، مما يؤدي إلى تضارب القيم لدى الأطفال المتعلقة بالعدالة والمساواة والحق.
حماية الأطفال من العنف التلفزي:
تتخذ حماية الأطفال من العنف التلفزي عدة أشكال، ولا تقتصر على الرقابة الأسرية على البرامج التلفزية التي يشاهدها الطفل، بل تتعدى ذلك إلى التربية على الإعلام، وتنمية قدرات الطفل على التعامل الإيجابي مع وسائل الإعلام والمشاهدة السليمة للبرامج التلفزية التي ترتبط باختيار البرامج جيدة النوعية من طرف الأهل ومشاركة أبنائهم فيها كلما أمكن ذلك، وتحديد المساحة الزمنية اليومية المخصصة لذلك والتي ينصح المختصون بأن لا تتجاوز الساعة أو الساعتين.
فالأولياء، بمشاركتهم متابعة البرامج التلفزية مع الأطفال يستطيعون استغلال المحتويات لمناقشة بعض المواضيع، كما يمكنهم مساعدة الأطفال على التعبير عن أحاسيسهم، وإبداء آرائهم حول البرامج التي يشاهدونها وتنمية قدرتهم على التفكير، ومشاهدة التلفزة ليست بالضرورة نشاطًا للتلقي فقط، بل تمكن من إثارة تساؤلات وفضول الطفل، وب إيجاد أفكار لأنشطة يمكن القيام بها عبد الانتهاء من المشاهدة لتنمية قدراته البدنية أو الذهنية.
ومن الضروري أن تضطلع رياض الأطفال بدورها في حماية الطفل من العنف الذي تتضمنه البرامج التلفزية من خلال اختيار البرامج الجيدة وذات الأهداف التربوية، ومساعدته على الاستفادة من المنافع والفرص الجيدة للتعلم التي يمكن أن تتيحها.
دور وسائل الإعلام في التصدي للعنف:
يتنزل الإعلام في الخط الأول في التصدي للعنف المسلط على الأطفال باعتبار دوره إثارة الاهتمام بالعنف ضد الأطفال بالسعي إلى تغطية القضية فالصحافيون والمصورون والمخرجون هم أعين وآذان المجتمع في توجيه نظرة الرأي إلى مختلف القضايا، ويتمثل دورهم الأساسي في تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان، ودعوة الحكومات إلى سن القوانين والتشريعات والمجتمع المدني إلى أداء دوره ورفع الوعي المجتمعي وتغيير المواقف والسلوكيات من أجل القضاء على العنف ضد الأطفال.
بالرغم من المسئولية الجسيمة المحمولة على عاتق وسائل الإعلام في هذا الشأن، فقد بينت الدراسات أن تغطية الإعلام للأحداث يتم من خلال التركيز على حالات شديدة التأثير ولكنها فردية وشاذة قد تأخذ منحنى لاستغلال هذه الحالات في تحريك المشاعر والإثارة أكثر من التركيز الموضوعي وعلى أسبابها وتداعياتها، مما يجعل المشاهدين يعتقدون أنها ليست ظواهر اجتماعية تهمهم بشكل مباشر، وأن المجتمع بأسره مسئول عن التصدي لها والقضاء عليها.
وفي هذا الشأن يجب أن تضطلع وسائل الإعلام بدورها في نشر ثقافة حقوق الطفل بالمضمون والأساليب الملائمة، واعتبار موضوع انتهاك حقوق الأطفال والقضايا المتعلقة بالعنف والإساءة والاستغلال، مسائل مهمة تستحق التقصي والتحقيق والطرح للمناقشة العامة باعتبارها تهم الشأن العام.
ونظرًا لتنامي مكانة الإعلام وتأثيره في توجيه السياسات، فإنه بمقدوره كسلطة رابعة دعوة الحكومات إلى تطبيق الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وإصدار القوانين والتشريعات التي تحمي الأطفال من العنف وتجرم المعتدين وتفعيلها والعمل على وضع السياسات والبرامج العلاجية والوقائية والعمل مع المنظمات غير الحكومية والأشخاص المؤثرين لجمع المعلومات.
وسواء كانت البرامج التلفزية فإن أهم الرسائل التي يجب أن تحملها للتصدي للعنف ضد الأطفال هي أن الطفل إنسان له حقوق وله الحق في الحماية من الإساءة وسوء المعاملة وهو مدين بذلك للمجتمع بأسره مع التأكيد على أن العنف ضد الأطفال غير مقبول أخلاقيًا ويمس من كرامتهم الإنسانية ويعاقب عليه القانون وعلى أن العنف ضد الأطفال ينتج متجمعًا عنيفًا (تنامى الانحرافات السلوكية؟ الأمراض النفسية/ الجريمة). وجعل المجتمع خاليًا من العنف ضد الأطفال أمر قابل للتحقيق والمسئولية جماعية في هذا الشأن.
وبغض النظر عن سياسات القنوات التلفزية التي أصبح يحكمها المادي أو الترويج لاتجاهات سياسية معينة، فالاستثمار في الأطفال يجب أن يكون توجهًا استراتيجيًا باعتباره استثمارًا في مستقبل الشعوب وتبعًا لذلك فإن وسائل الإعلام مدعوة إلى إنتاج البرامج والمواد الإعلامية ذات النوعية الجيدة الموجهة لتربية الأطفال على السلم واللاعنف والتسامح والتفتح على الثقافات مع ترسيخ الاعتزاز بالانتماء العربي الإسلامي والأخذ بعين الاعتبار مشاركة الأطفال وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم والتطرق إلى موضوع العنف من خلال وجهة نظر الطفل.
إن التعاطي الإعلامي مع قضايا الأطفال بشكل عام، والعنف ضد الأطفال بشكل خاص، يستوجب أن يضع معدو البرامج ومقدموها في اعتبارهم الأول أن تكون مختلف البرامج مبنية على احترام جملة المبادئ العامة المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل وخاصة مصلحة الطفل الفضلى وحقه في عدم التمييز والبقاء والنماء والمشاركة وحمايته من التعرض التعسفي أو غير القانوني في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله ولا أي مساس غير قانوني بشرفه.
ومن هذا المنطلق فإن البرامج الإعلامية من تحقيقات وحوارات وغيرها حول قضايا الأطفال يجب أن تحكمها أخلاقيات مهنة الإعلام بشكل عام وأخلاقيات الإعلام في مجال الطفولة بشكل خاص. وقد تعرضت العديد من المنظمات مثل منظمة اليونيسيف والاتحاد الدولي للصحافيين إلى المساءلة وأصدرت توجيهات إرشادية ومبادئ توجيهية لتغطية القضايا التي تشمل الأطفال والتي يجب أن يستأنس بها العاملون في القطاع الإعلامي.
ومهما يكن من أمر، فإن قيام وسائل العلام بدورها في نشر الوعي بحقوق الطفل وتغيير العقليات والسلوكيات من أجل القضاء على العنف ضد الأطفال، ولا بد من رفع قدرات العاملين في المجال الإعلامي وتدريبهم وإكسابهم المعارف والمهارات اللازمة والتزام القنوات التلفزية بإنتاج برامج تسهم في تمكين الأطفال من التمتع ببداية طيبة في الحياة في عالم جدير بهم.
المصدر: مجلة خطوة .
للامانة منقول
المصدر : http://byotna.kenanaonline.com/topic...7/posts/134961