بسم الله الرحمن الرحيم
يمر الإنسان العادي بتحولات في الفكر والاتجاهات طوال رحلة الحياة.. لذا ليس غريباً أن يتخلي غداً عما هو مؤمن به اليوم أو يترفع عن أفكار وميول الأمس أملاً في مستقبل أفضل.. وهكذا تمضي بنا الحياة تغير وتحول. ولكن يأتي التغير أو التحول بالنسبة للفنان مختلفاً ومحاطاً بهالة من الضجيج والصخب، خاصة إذا كان التحول في طريق العقيدة.. ومن أشهر الفنانين الذين تغير طريقهم فجأة الراحل محمد الكحلاوي الذي اتجه في بداية طريقه للغناء البدوي وكون ثلاثية جميلة مع بيرم التونسي وزكريا أحمد.. كما دخل عالم التمثيل وكان فيلم »أولاد لامة« مع كوكا وسراج منير هو أول أفلامه وأسس شركة إنتاج قدم من خلالها أعمالاً مهمة مثل »أحكام العرب«، و»يوم في العالي«، و»أسير العيون«، و»بنت البادية«، وبالرغم من نجاحه في الغناء وتألق كممثل وقف الكحلاوي مع نفسه فجأة وبمحض إرادته غير مسار حياته واتجه إلي الإنشاد الديني، وقد تألق في هذا الطريق لأن نشأته كانت دينية وكان حاملاً للقرآن الكريم، لذا أتقن اللغة العربية وهذا ساعده علي إلقاء الشعر والقصائد والمدائح النبوية.. وقد اتجهت شادية للاعتزال نهائياً بعد غناء »خد بإيدي«. وقد تكرر نفس التحول مع »ياسمين الخيام« و»إيمان الطوخي«، فقد كان الغناء هو البداية وهو الذي خلق علاقة من الود بين الجمهور وبين »ياسمين« و»إيمان« وفي لحظة حدث اختفاء وتولد بداخل النجمتين قرار بالاعتزال والابتعاد أملاً في الراحة والتفرغ للعبادة ولأن الانسحاب جاء عن اقتناع وبرغبة صادقة كان التنفيذ محل إعجاب وتقدير من جانب الجمهور الذي احترم القرار وبارك الرغبة.. وظلت حتي الآن صورة »ياسمين الخيام« و»إيمان الطوخي« مغلفة بالاحترام ومحاطة بالتقدير وتضم قائمة الفنانين الذين تركوا الفن وقرروا السير في طريق الله سبحانه وتعالي نجوماً كثيرين منهم »مشاري راشد« وهو مقرئ للقرآن الكريم ومنشد كويتي بدأ حياته أيضاً بالغناء وقد وصل للناس بسرعة بسبب صوته العذب وقدرته علي التحكم في طبقاته.. والحقيقة أن مشاري راشد استثمر هذا الصوت في عمل أناشيد دينية رائعة ومنها »يا ربنا« و»دعوني أناجي« و»مع الله« و»ارحم الرحماء« و»طلع البدر علينا«. وقد بدأ الشيخ مشاري تسجيله للقرآن الكريم عام 1996 ونجح في إقامة قناة خاصة للأذكار والقرآن الكريم.. ومن المغرب جاء »عبدالسلام الحسني« إلي مصر ونجح بتقدير امتياز أمام لجنة الاستماع وكانت شهرته ملء السمع والبصر في المغرب، ولكنه تحول إلي الإنشاد الديني مؤخراً وقرر عدم غناء اللون العاطفي الذي بدأ وانطلق من خلاله وكان أول ألبوم إنشاد ديني له قد صدر عام 2006 ويحمل اسم »نسيم«. ومؤخراً انطلقت شائعات تؤكد أن المطرب الكبير علي الحجار سوف يتوقف عن الغناء لأنه سجل المصحف بصوته وحقيقة الأمر أن علي الحجار قد قرأ القرآن في أحد البرامج وتمت إجازته من الأزهر، وهذا جعل الجميع يتوقع أن يقدم الحجار علي قراءة المصحف بصوته وراح الكل يتساءل ما هو السبيل لو فعل الحجار ذلك هل سيكمل الغناء أم سيتوقف ويغير المسار؟.. ويبقي الجواب والحقيقة مرهونة ومحبوسة في قلب وعقل الحجار. وفي البرواز تظل الشائعات التي تحاصر المطرب اللبناني فضل شاكر الذي تردد أنه سوف يعتزل الغناء وأن السبب في ذلك حالة التدين التي يعيشها الآن والتي جعلته يزهد الدنيا ويفكر في الحج وتقديم الإنشاد الديني والدعوات الطيبة بصوته.. من حق الفنان أن يغير المسار وأن يعيش ويفكر بإرادته الحرة فهو إنسان له قلب ينبض وعقل يفكر.