تحملنا الحياة من أعبائها ونعاني من مشكلاتها مما يضطرنا إلى الشعور بالضيق من كل شيء حولنا ويتطور هذا الضيق إلى مرحلة متقدمة جدا من الاكتئاب الذي قد يصل إلى كراهيتنا لأنفسنا وللحياة جميعها وتنمو لدينا رغبة ملحة في التخلص من الحياة ونتمنى لو كان الموت شيئا سهل المنال وبعدها تتحول كل إيجابياتنا إلى سلبيات فنتخلى عما كنا نقوم به من نشاط اجتماعي بسبب رغبتنا في الابتعاد عن المجتمع والعيش في عزلة وهذا أخطر.
بالتأكيد يمر كل إنسان بهذه التجربة فالحياة ليست جنة إنما هي نموذج مصغر للجحيم بما تحمل من أهوال وحرمان وغيرها من النواقص التي لا حصر لها، وقد تتجمع جميع هذه المشكلات فوق رأس نفس الشخص مما يجعله يطمح إلى الفرار منها والبحث عن السكون الإنساني.
قد تندهش عزيزي القاريء من وجود أسباب غير متوقعة تسبب كراهية الشخص لنفسه لكنها ليست ناتجة عن الحرمان إنما تنتج عن الأخذ، أي حصولك على كل ما تتمنى في الحياة مما يضفي عليك نوعا من الأنانية وبعدها تترجم إلى كراهية ليس لمن حولك إنما لنفسك فلا عجب الإنسان مخلوق متمرد بطبعه لا يرضى بثبات الحال الذي إن حدث تصبح الحياة شيئا من المحال، لكن يجب أن نعلم الأسباب الأساسية التي تؤدي للوصول إلى هذه المرحلة القاتلة وكيف يمكن لنا التغلب عليها وبدء حياة صحية جديدة.
أسباب المشكلة تتلخص في:
1- تضخيم الأمور:يركز الإنسان غالبا انتباهه على الجانب الفارغ من الزجاجة، أي على الأشياء التي يعجز عن تحقيقها مما يخلق جوا من الاكتئاب، فعندما يظل الإنسان يفكر طوال الوقت في عمل لم يقدر على إنجازه أو شخص أحبه ولم يستجب له، حتى يهمل باقي الجوانب الإيجابية في الحياة ويحدث شيء من عدم التوازن والخلل، وبعدها تهرب السعادة والرضا من الشباك ويدخل بدلا عنهم الاكتئاب وكراهية النفس من الباب.
2- العيش بالندم:لا يجب أن تندم على شيء في حياتك، لذا يجب أن تكون قراراتك حكيمة وإذا حدث خطأ ما لا تندم عليه، وهذا مجرد درس من الدروس التي تعلمها لك الحياة فهي كالمعلم الذي يعلمنا درسا جديدا كل يوم، ولا تنسى أننا جميعا نخطيء لكن بعدها نتعلم من تلك الأخطاء ولا نقع في نفس الخطأ مرة أخرى؛ فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
واعلم أن كل درس نتعلمه من الحياة يساعدنا في كثير من المرات خلال قراراتنا المستقبلية وفي النواحي الحياتية الأخرى، وبدلا من القلق أو البكاء على ما راح أو ما مضى حاول أن تكتشف الخطوات التي يمكنك القيام بها لتحسين الموقف، وقد يكون الذنب سببا أيضا من ناحية أخرى.
3- التغيير المفاجيء:لكل منا عالمه الخيالي وأحلامه الوردية سهلة المنال التي يتمنى تحقيقها ويرسم لنفسه طريقا مفروشا بالزهور ليمر عليه وخلال هذه الغفوة تظهر بحياتك عزيزي الحالم أشياء مفاجأة تتسبب في التشويش على كل مفاهيمك بهذه الحياة، ولم تكن قد أعددت العدة للتعايش معها، لذا تحدث الصدمة الكبرى والشعور بالعجز أمام تلك التغيرات مما يشعرك بشيء من العجز والارتباك.
4- المقارنة:عزيزي القاريء احذر من المقارنة المستمرة، القصد هنا هو أن تقارن نفسك بغيرك من الناس من نواحٍ كثيرة كالآتي:
- نجاحاتهم وفشلك.
- قوتهم وضعفك.
- تجمعهم معا ووحدتك.
- قدرتهم على الحب وعجزك عن ذلك.
وغيرها من الجوانب المتعددة التي تجعلك تشعر بأنك خسرت لعبة الحياة وأنت الآن لست إلا مخلوق عديم الفائدة.
لذا عليك الشعور بالرضا والإيمان بأن الله خلق كل إنسان وله دور مقدس في الحياة قد تعتقد أن دورك ضئيل لكنه بالنسبة لغيرك شيء جد هام، ودائما قل إياك نعبد وإياك نستعين أي ابذل على قدر ما استطعت لكن دون التفكير في النتائج اجعلها تأتي إليك ولا تذهب أنت إليها.
5- الوقت الوفير:أحيانا يكون لدينا متسع من الوقت بين أيدينا ولدينا حرية التصرف به وبدلا من الاستفادة به بشكل إيجابي نضيعه في حماقات لا نفع منها مما يجعلنا بعد ذلك نلقي على أنفسنا باللوم ونلعنها على هذا الحمق على ما مر وراح من وقتنا الثمين.
6- قطع العلاقات الاجتماعية:إذا كنت تعاني بشكل واضح من الاكتئاب وانخفضت نشاطاتك وعلاقاتك الاجتماعية نتيجة لهذا، ترغب في البقاء وحيدا وتتخيل كأنك تحدث نفسك وتقول: "كم هي حياة قاسية معي" بينما تبتعد عن مناقشة الأشياء والمشاعر التي تزعجك مع صديق مخلص أو مع نفسك بالتفصيل.
وينعكس هذا عليك بالمشكلات الآتية:
- نوم متقلب وغير مستقر.
- اتباع نظام غذائي سيء.
- يحيط بك جو من الفوضى.
- حالة مزاجية يسودها الحزن.
كيف تحول كراهيتك لنفسك إلى حب ورضا عليها:
- الاستشارة:تتحقق هذه النقطة بواسطة بعض الخطوات كما يلي:
- مناقشة مشكلتك مع صديق مخلص.
- اللجوء إلى طبيب نفسي.
- كتابة ماتعانيه على ورقة بأسبابها المحتملة والحلول التي تعتقد أنها فعالة.
- تذكر أن الحوار مع النفس والبحث عن الحلول هو أفضل طريقة لعلاج هذه الحالة.
- التخطيط:- ضع خطة مناسبة وإيجابية لقضاء يومك.
- حاول التفكير بطريقة إيجابية.
- عش الحياة كما هي.