بعد ان احكم قبضته علي البطيخه ركب احدي حافلات القطاع العام.وكالعاده يقف علي باب الحافله لعدم وجود مكان بالداخل
كان معتاد دائما ان يركب بسرعه الحافله.......ولكنه تذكر شيئا ذهب ليشتريه لابنته....
كانت تبعد عنه بخطوه واحده سيده سمينه....نظر اليها خلسه ثم مالبث ان عاد ونظر في الارض
ورغم ضيقه اللذي لا يعرف ان يخفيه...تسللت اليه ابتسامه خفيفه...كانت تائهه عنه منذ امد طويل
فتذكر عندما كان صبيا خجولا.... لا يستطيع ان ينظر الي فتاه في عينها... حتي وانا الان رجلا في الخمسين من عمري...لا استطيع
حينما كان هو يتذكر ايام صباه المليئه باللهو واللعب......قال "الكومسري " بصوت واضح تذاكر...تذاكر
وهو يمر بين الركاب بالكاد ان يصل....اقترب اكثر .....حتي وصل الي السيده السمينه.
تحاول ان تتفاداه حتي لا يلمسها ....مرت الاحداث بسرعه غير عاديه.......
ترجع خطوه للخلف.....رجع بدوره خطوه وهو يزود شدة قبضته علي البطيخه التي لايحمل في محفظته ثمنا لاخري.......
خطوه واحده خطاها للخلف ولم يكن بالحافله
"سقط من الحافله اوقف العربه...اوقفها"...
نجمع عشرات من الناس حوله ..... انها دائره....ماتزال يده متمسكه بالبطيخه...وهو نائم علي ظهره
" يا استاذ انت سامعني يااستاذ"
لقد صرف اخر مليم لي في تعليمك ياخالد....لا تخذلني يا ابني...لا تخذلني
كان هذا من سنه تقريبا........يا الله..... مرت الاحداث سريعا.....
مرت الاحداث وهو الان ينتظر ابنه....ينتظره في اكثر اللحظات توترا في حياته....
هاهو قد وصل يا ابي.........
ماذا تقول......ماذا....لاحول ولاقوه الا بالله ....لماذا ....لقد افنيت نفسي لاوفر لك المال
لم ابخل عليك يوما....وفرت كل مليم لي من اجل دروسك ...... لاحول ولاقوه الا بالله
" يا استاذ انت سامعني...يا استاذ......الاسعاف .... بيتنفس .... .حد يتصل بالاسعاف..... "
نام ليله...لم يعرف مثلها في حياته قط......لاول مره يبكي ..... يصيح مثل الاطفال...
لم ينم هذه الليله..... جلس يتذكر زوجته.....ووعده لها بان ابنهما سيدخل كليه الهندسه
ذهب الي صورها....كم نا احتاج اليكي ...... كم انا لا استطيع ان اعيش بدونك
ليتكي لم ........ لاحول ولاقوه الا بالله
" لاحول ولاقوه الا بالله ....كيف حدث هذا....من اسقطه ..... حتي الان لم تاتي الاسعاف !! "
ذهب الي عمله شاحب الوجه...... لا يستطيع ان يخفي ضيقه......شعر كل اصدقائه بضيقه.....ظل صامتا لا يتكلم..... حتي يدخل عليه احد المواطنين........ تمر الاحداث سريعا.....
ماهذا.....اتعرض علي رشوه..استغفر الله العظيم........استغفر الله
....تجمع الموظفين والمدير....اللذي حين راي هذا الرجل رحب به و قبله
انت محول للتحقيق.......
انت محول للتحقيق............ انت محول للتحقيق............. انت محول للتحقيق
دارت الكلمه في راسه مرات ومرات.......هذه الكلمه اللتي لم يصدق انها ستقال له يوما......
خرج من عمله.....ينظر الي السماء.......لا حول ولا قوه الا بك .....
يمر الشارع.....حتي وصل الي الرصيف اللذي يستقل منه الحافله اللتي ستوصله الي منزله
كاد ان يركب....الا ان وقع نظره علي ربع بطيخه حمراء فوق هرم من البطيخ علي عربه صغيره...
ابي ابي ...اريد بطيخ يا ابي......لا تنسي يا ابي ...لا تنسي
ينظر الي اللافته المكتوب عليها 8.5...........نزل سريعا من الحافله....
.اسرع من خطواته...هم ان يركب..
اذا بسيده سمينه تسبقه للداخل...
"لسه بيتنفس...الاسعاف وصلت يا استاذ...حد يجيب ميا....يلا بسرعه.."
بدات اصابع يده تقفز واحد تلو الاخر ..... ترتفع شيئا فشيئا.........حتي سقطت البطيخه من علي بطنه.....
يحول نظره اليها.........
نظر اليها نظره طويله.......حتي اغلقت عيناه....او اغلقها له احدهم
يارب تعجبكم.....اول قصه ليا اكتبها هنا.....مش عايز حد يالس عليا