حب أم سيطرة ؟ ـ إيمان القدوسي
قد نتذكر وجها بغير ابتسامة ولكن الغريب أن نتذكر ابتسامة بلا وجه ،(زوجة محمود )كانت صاحبة تلك الابتسامة ، هي امرأة تسكن ابتسامتها وتلتف بها ، كنت أسميها أيضا ( قطة محمود ) فهي دائما مستكينة بجانبه ، مبتسمة وممتنة وممتلئة بالرضا ،ولكن لا أحد يظل علي حاله فقد قابلتها مؤخرا ولم أكد أعرفها ، كانت وحيدة فارقتها الابتسامة والزوج معا ، سألتها عما بها فصارحتني بالشكوى المعتادة أقوم بواجباتي كاملة ولم أقصر معه في شئ فلماذا تغير ؟
لا تسير الأمور دائما وفقا لقواعد محددة مسبقا وكثيرا ما تختلف النتائج عما توحي به المقدمات ، يحدث فقط في العلوم الرياضية والبرمجيات ، دائما 2 +2 = 4 ، لكن هذا لا ينطبق علي البشر ، رجل واحد قوي لا يساوي رجل واحد ضعيف أو مريض أبدا ، تسير الحياة في دوائر متشعبة متداخلة ودائما هناك اعتبارات كثيرة وظروف يجب أن نحسن تقديرها .
إذا أردت النصيحة ابحثي تحت عنوان (كيف تسعدين زوجك ) فقد نشرت العديد من الكتب والمقالات ، وكلها تشمل نصائح وتوصيات منذ وصية أعرابية لابنتها في ليلة زفافها حتى أحدث الأبحاث النفسية في الشرق والغرب .
وبالرغم من وجاهة النصائح وقابلية بعضها للتطبيق إلا أن الملاحظ أن مردودها ضعيف ، وتأثيرها في الواقع محدود ، من أسباب ذلك أن أغلبها مكتوب لأسباب تجارية وب فهو نص بلا روح وغير مؤثر ، وسبب آخر أن الكتابة تتم بشكل فيه تعميم ليشمل أكبر عدد ممكن من الناس والتعميم يؤدي غالبا للسطحية وعدم العمق .
السبب الأهم هو أن العنوان الأكثر صحة ودقة هو ( كيف تسيطرين علي زوجك ) فالنصائح كلها تصب في خانة السيطرة ، كيف تحتال الزوجة لتسيطر وتنفذ خطتها هي ، بل إن البعض يكون أكثر صراحة ووضوح فيقول ( كيف تروضين زوجك ؟ )
بدليل أنه لا توجه أية نصائح للزوجة لكي تغير من نفسها تغييرا حقيقيا ـ التغيير الوحيد الذي تنصح به الزوجة هو تغيير مظهرها الخارجي ليصبح أداة جديدة من أدوات السيطرة ـ كما أن المفهوم الضمني للنصائح يقول إن الزوجة دائما علي حق ، ولذلك تفشل النصائح .
الحب قمة المشاعر الإنسانية الراقية ولا يمكن الوصول إليه إلا بجهد متبادل بين طرفيه وكأي لعبة ليست فردية تفسده الأنانية وحب السيطرة ، ومن المدهش أن الشخصية المسيطرة ليست قوية كما تبدو بل هي ذات تكوين ضعيف ولذلك تحاول تأمين نفسها بامتلاك أدوات القوة والحماية وتخشي مواجهة المفاجآت لذلك تحتاط لنفسها جيدا ، وهي تخسر دائما لأنها لو نجحت في السيطرة علي أسرتها أضعفت شخصياتهم وجعلتهم نسخا ممسوخة منها ولو فشلت فإنها تنشر التعاسة من حولها .
إذا أردت السعادة حقا أعيدي اكتشاف زوجك ، وكأنك تتعرفين عليه لأول مرة وركزي علي جوانبه الطيبة وابدأي بها ، استعيني بخبراتك السابقة وقراءاتك وجددي نيتك وتخلصي من الهواجس ، اخلصي لنفسك في علاقتك الزوجية ولتكن السعادة والحب هدفك الحقيقي ، في كثير من التفاصيل سيثبت لك صحة وجهة نظره وأن مخاوفك لم تكن حقيقية وأن الحياة لها أوجه عديدة ولا تجري فقط وفقا لتفكيرك وتصوراتك ، وحتى لو كان هناك إخفاق فلا بأس ، لا يغني حذر من قدر ولا تنتهزين الفرصة لتدور اسطوانة ( ألم أقل لك ؟ ألم أحذرك ؟ ) دعيها تمر، وتدريجيا سوف يستشيرك ويأخذ برأيك لو شعر أنه الصواب ، فالرجل أيضا يضعف أحيانا ويريد دعما ومساندة ولن يجد خيرا من شريكة حياته ولكن دون محاولة لفرض نفسك ورأيك عليه .
سر السعادة الزوجية هو( التفرد ) أنت وزوجك حالة فريدة وخاصة ، فلكل علاقة زوجية بصمتها الخاصة وما يصلح لغيرك قد لايصلح لك ، وأنت وحدك المؤهلة لمعرفة الطريق المباشر لسعادتكما ، عليك فقط ألا تكوني نمطية وتتحلين بالحساسية اللازمة للتناسب مع كل موقف ، وأهم صفة تنجح العلاقة هي الصدق ، كوني صادقة في تعبيرك عن نفسك ولا تكوني مفتعلة زائفة .
عطاءك الحقيقي وصفاتك الخاصة عندما تلتقي وتتمازج مع الطرف الآخر سوف يشذب كل منهما الجوانب الخشنة في الآخر ويكسبه رونقا وطعما جديدا ، مع الحب سيؤدي الاختلاف إلي التكامل والثراء ، الحب الحقيقي يجعل كلا الزوجين مشرقا متألقا مثل وجهي القمر.
أعيدي اكتشاف طباع زوجك وصفاته وطباعك أنت وصفاتك واستخدمي إبداعك الخاص وذكاءك وحسك المرهف لتكوني من كل ذلك لوحة رائعة الجمال متناسقة الألوان عنوانها ( الهناء الزوجي صنعة لطافة ) .