الكيتامين.. تجربة الصدمة.. بوابة العالم الآخر
لقد وثقت في هذا الرجل ما يقرب من 15 سنة، ولازال، صديق رحلة طويلة مضنية، ولأنه جدير بالثقة فقد قررت أن أدخل معه ثورة الكيتامين.. ثورة أكثر منها تجربة.
لقد صدمت.. ارتطمت بالجدار لأنني غادرت.. أصابتني الدهشة والذهول.. الانتقال لمرحلة أخرى من فلسفتي لهذا الوجود المادي وارتباطي مع الخالق. إنني ولدت من جديد.. لقد انتزعت روحي من جسدي ثم عادت.. بهذا ولدت من جديد.. من يعرف سحر الكيتامين لن يتعجب مما أكتبه.
لقد عرفت هذا الرجل في العالم 1998، حين نقل تشخيصي من الفصام "الشيفزوفرينيا" إلى الاكتئاب الثنائي القطب خلال سنة واحدة من العلاج. ولمن لا يعرف المرض الثاني، فهو مرض جيني يصيب خلايا الدماغ، ويجعلك بين قطبين، قطب الابتهاج والسعادة والنشاط المفرط Mania، والقطب الآخر Depression هو الاكتئاب والعزلة واليأس وعدم الرغبة في الحياة، وكلاهما جحيم. وبدون العلاج الكيميائي ستظل مترنحا بين أرجوحة لا نهائية، ستدمر حياتك.
لقد مررت طيلة هذه المرحلة بين حوالي 5 أقطاب من النشاط المفرط hyperactive و 5 أقطاب من الاكتئاب الشديد والمتوسط وبينهما مراحل الاعتدال والوسطية في حال التزامي بالعلاج.
لقد كان الليثيوم Lithium، ولا يزال، بمثابة القوة التي تخفف من هذا الترنح، فهو العلاج رقم واحد واثنين وثلاثة للاكتئاب ثنائي القطب، ومع التزامي به، كانت هناك نتائج مذهلة لكبح جنون المرض في الأعلى والأسفل.
إنني أتناول الآن، حبتان من الليثيوم تعادل 900 ملي جرام، ووصلت مع اللامكيتال لجرعة 200 ملي جرام، وعلى وشك ادخال الايفكسر العجيب معهم في تجربة جديدة.
لقد جربت أنواعا كثيرة من أدوية الاكتئاب، أدوية لا حصر لها، لدرجة أنني لا أتذكر الكثير منها. الى جانب تجربتين مع الصدمات الكهربائية ECT، الأولى بداية ظهور المرض في حالة النشاط المفرط، والثانية في حالة الاكتئاب.
إن تجربة القطب الأعلى والأسفل، السعادة الغامرة والاكتئاب، تجربة قاسية ومؤلمة ومدمرة. حين ترى النور.. ثم فجأة يتحول الى ظلام. ومع مرور الوقت، يحدث العكس.. إنك تعيش الحياة ثم الموت، وهكذا..
إن قسوة هذا المرض تبدأ مع حالة خروجك من عالم القطب الأعلى، لترتطم على الأرض في حالة القطب الأسفل، ولتكتشف في حالة التعافي والاتزان ان كلا العالمَين (بفتح الميم) واهميَن.. رحلة بين اليقين والشك وعدم الإيمان لحقيقة وجودك، ولحقيقة هذا العالم.
إن القسوة الأكبر هي قسوة المحيط، قسوة المجتمع. إنهم يشاهدونك شخصين مختلفين، مزاجي، إما كثير النشاط والحيوية، منتج، اجتماعي مرح، وإما منعزل، قليل الإنتاج منطوي على ذاته.
إنها غربة، يعيشها ويدركها فقط مريض الثنائي القطب. وسأخبركم، إنها نتيجة وصلت لها مؤخراً، لقد تكونت لدي قناعة وإيمانا بأن هذا المرض نتيجة خلل كيميائي في الروابط العصبية لخلايا الدماغ، وأن هذا الخلل ينعكس مباشرة على إدراكك للواقع والحياة. وحين أعني نتيجة، أقصد أنها حصيلة تراكم معرفة وتجربة، وإيمان كامل، ولن ينفع معه أي شئ آخر للعلاج.
ما حدث إنني غرقت في الاكتئاب في آخر محطة لي، ولا أعرف الخروج. أشبه بحفرة عميقة، يستحيل الخروج منها. اكتئاب جاء بعد موجة كبيرة من القطب الأعلى، ثم سقوط في تلك الحفرة. السقوط بدأ بتناولي جرعات كبيرة من الايفكسر بلغت 225 ملي جرام، على مدة ستة أشهر من دون وجود الكابح الليثيوم، ومن دون استشارة صديقي الطبيب.
ان شعوري بالاكتئاب، هو شعوري بفراغ ذاتي، عدم تقديري لذاتي، انخفاض مهول في ثقتي بنفسي، ليس لدي أي دافع للعمل، حياة فارغة ليس لها معنى سوى الشفقة على نفسي، وأن وجودي مصيدة وقعت فيها، ولم أُخيّر بها.. كلما انتظره هو الرحيل عن هذا العالم، لأني متشوق جداً لاكتشاف العالم الجديد. روح تتعذب في هذا العالم، تنتظر الخلاص.
وماذا بالنسبة للقطب الأعلى؟ إن عقلي يتحول إلى محرك نفاث يحلل ويفكر بشكل لا نهائي جنوني، أفكار مترابطة وغير مترابطة، أحيانا تكون مبدعة وأحيانا كثيرة مجنونة.. شعور عارم بالسعادة المفرطة.. طاقة مهوولة في الإنتاج وقلة عدد ساعات النوم تصل لثلاث ساعات بعد نشاط كبير جدا.. أتحدث بشكل منطلق وسريع، وقد يكون أحيانا كثيرة غير مفهوم.. ثقة عالية بالنفس، واتخاذ قرارات سريعة غير مدروسة، صرف الكثير من المال وتبذيره، وعلى أمور كمالية.. والأخطر من ذلك انهدام منظومة القيم الأخلاقية والدينية، والدخول وتبني فلسفة جديدة.
المشترك في القطبين أنني أتناول الكحول، ويجرني ذلك لمزيد من الدمار. إنني أتعاطى الكحول في الاكتئاب لخنق الألم، وقف نزيف هذا الألم، وما يحدث، وأدركه، أنه سيُخلِّف دمارا مهولا، إلى جانب تناولي للأدوية. وفي حالة النشاط المفرط، أتناوله لمزيد من السعادة والإثارة، والارتقاء، والنتائج كذلك وخيمة.
إن معرفتي وثقافتي، جعلت من هذا المرض أكثر عقدة وتشابكا. إنني أعشق معرفة العقيدة والفلسفة والأدب والفن، وكل ما يمنحك ويعزز وجودك الإنساني الجميل.
تركيبي المعرفي والثقافي، جعل من التعايش مع هذا المرض، في مرحلة ما، أمرا مستحيلا. بعد الاستغراق في العبادة والصفاء الروحي والتدين في القطب الأعلى، يتكسر كل ذلك، أمام صخرة ألم الاكتئاب، الكفر بكل التجربة السابقة، (الكفر هنا ليس بمعنى الإلحاد الديني) وأنها وهم.. وتستمر الحلقة الفارغة القاتلة.
لقد تحسنت، أخيرا، حالتي المزاجية بفضل الإلتزام مع خليط الليثيوم واللامكيتال Lamictal.. لكن ماذا حدث بعد ذلك؟ شعرت أنني معلق وسط القطبين، وأميل في حالات كثيرة للاكتئاب. دورهما أشبه بالسلاسل التي تلجم لجام المرض. لقد عشت مرحلة جديدة، ما بين القطبين، لا أشعر بذاتي جميعها، وبحاجة للارتفاع للمستوى الطبيعي.
لماذا الآن الكيتامين؟
الكيتامين عبارة عن مخدر يستخدم في العمليات الجراحية للإنسان والحيوان، يعطي كحقنة، وتم اكتشافه في الستينات، ويقتصر الآن استخدامه في عمليات البيطرة للحيوان والأطفال. راج هذا المخدر لمتعاطي المخدرات في الأندية الليلية والحفلات، باسم "كي" أو "فيتامين كي" K, Special K, Vitamin K, super acid, super c, bump, cat Valium, green، كمادة مخدرة مختلفة عن المخدرات التي يتعاطها المدمنون، تمنح السعادة وتنقلك لعالم آخر. ستجد في الأبحاث العلمية أنه يدخل متعاطيه في هلوسة، ويفصله عن الواقع، وفي جرعات عالية يقترب من "الكي هول" K - Hole وهي الخروج من هذا العالم المادي لعالم آخر، وهناك حالة الروح الطافية، أي أن تشعر بروحك تحلق فوق جسدك، وتفقد صلتك به، وهناك حالة الاقتراب من الموت ما يعرف ب Near Death Experience واختصارها NDE.
مؤخراً، في 2009، تم اكتشاف تأثير الكيتامين على مرضى الاكتئاب الأحادي، والاكتئاب ثنائي القطب. مفعوله سحري آني، ويتشافى تماماً شديدي الاكتئاب قي خلال ساعات واقل من 24 ساعة، وثبت ذلك ل 75 في المائة من شملتهم التجربة. ان اكتشاف تأثير الكيتامين السريع على مرضى الاكتئاب، أحدث ثورة علمية في علاج وتفسير هذا المرض، إذ انه يعتمد ميكانيزم جديد غير ما عرف عن آلية عمل أدوية الاكتئاب الحالية في تنشيط النواقل العصبية، والتي تستغرق ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع للحصول على النتيجة المترقبة. وبغض النظر عن التأثيرات التي يحدثها أثناء تناول جرعة الكيتامين إلا ان تأثيره يوقف نزيف الاكتئاب بشكل مذهل، ووجدت في تجربتي أنه مقارب جداً لتأثر ما بعد الخروج من جلسة ECT.
ان قراري دخول تجربة الكيتامين، كان قرارا سريعا ارتجاليا، مبنيا على ثقتي بهذا الرجل الاستشاري طبيب الأمراض النفسية. إنه طبيب وباحث ومعالج نبيه، له خبرة طويلة مع الأمراض النفسية، يواكب التطورات العلمية في مجال بحوث الطب النفسي، والأدوية المستجدة. وحين اقترح علي حقنة الكيتامين، كان خيارا مفاجئا وغير متوقعا، إذ لم أتوقع ان هذا العلاج متوافر في بلدي، أو ان الدكتور سيعتمده كخيار في هذا الوقت من عمر اكتشاف الكيتامين في علاج الاكتئاب. قررت بشكل سريع بعد نقاش مقتضب معه دخول هذه التجربة استنادا على ثقتي به.
لقد حصلت على ثلاث جرعات من الكيتامين، بين كل جرعة أربعة أيام، وبطرق مختلفة. في كل تجربة كان هناك عالما مختلفا، واختلاف في الدخول والخروج من هذا العالم. الشيء المثير أن أعراض الاكتئاب تختفي مباشرة بعد استيقاظي الكامل، أشعر أن لا وجود له، أشبه بحالة الالتئام السريع اذا كان لديك جرحا.. التئام لألم ونزيف النفس. هذه النتيجة تتهاوى تدريجيا للأسفل بعد مرور حوالي يومين من تعاطي الجرعة، ويعود الاكتئاب كما كان.
تجربتي الأولى مع الكيتامين، تناولت فيها جرعة مقدارها 100 ملي غرام، عبر الوريد، وكانت دفعة واحدة، وغبت فيها عن الوعي بعد ثوان. ما حدث أنني انتقل تماماً لعالم جديد لم أتصور أنه موجودا، أو خيالاتي السابقة كان ترسمه لعالم ما بعد الموت. شعرت أن روحي تطفو فوق جسدي وبدأ المكان و التي اشاهدها في غرفة العمليات وأنا ممدد، السقف وحركة الممرضات، واقع جديد تماما، يملأه السكون، وإذا تحركت فإنها تتحرك اشبه بصورة ضمن صورة سينمائية (اللقطة المتحركة تتكون من 24 صورة في الثانية frame) وتسمع الأصوات بشكل مشابه للصوت حين يُبطئ و كذلك.. إنني أُشبِّه ذلك حين تشغل الفيديو بشكل بطئ جداً، فأنت تشعر بكل لقطة بشكل رهيب، وكأنه بدا لك مستقبلات جديدة في جسمك لم تكتشفها وتشعر بها من قبل. إن الزمن في بعض اللحظات كان متجمدا تماماً، فراغ ليس به زمن، ومكان واحد هو اللقطة التي تشاهدها. وإذا رجع الزمن فإنه يرجع بالشكل الذي وصفته. لقد دخلت عالما جديدا، بقوانين مختلفة، وشعرت أنني لن اخرج منه وسأكون عالقا فيه، ولا أعرف ماذا سيليه، أو ماذا ينتظرني. كان ذلك يتخلله لحظات من اليقظة، ولحظات من فقدان الوعي. لم أشعر بالزمن، وكأنه رحلة طويلة للتو بدأت. كلماتي التي أنطق بها لا تسمع إلا في فراغي، أو حين تسمع قبل استفافقتي كان تخرج بشكل صعب جدا، لا أعتقد أنها مفهومة، وإذا سمعت فإنها تسمع بشكل مشوه. والكلام الذي أسمعه عبارة عن صدى ضخم جداً.
مشاعري حينها تغمرها الصدمة والوحشة والانفصال تماما عن العالم السابق، عالمنا المادي. بين تجمد والمكان والزمان في الحالة الأولى، دخلت في نفق Tunnel، كانت روحي فيه تحلق في فضائه الشاسع الجميل، ألوان خليطة بين البنفسجي والأزرق والأرجواني تشكل في احد أبعادها جدران هذا النفق على شكل طبقات منفصلة. تحليق مستمر الى ما لانهاية، وشعور بالصفاء الذهني لم اشعر به من قبل. لم تكن لهذا النفق نهاية، ولم أتجه من الظلام الى النور كمل تسرده أدبيات التجارب السابقة للأشخاص الذين مروا بنفس التجربة. وبعد استفاقتي ورجوعي لهذا العالم، أخبرت الطبيب، من باب الدعابة، أنه كان ينقصني في هذه الرحلة التي امتدت لحوالي ساعة ونصف، وجوده معي، وأنني سأقوم بتركيب جناحين على ظهره ليستطيع التحليق معي في المرة القادمة.
في بعض الأحيان، وقعت لفريسة من الهلوسات المخيفة، وكأن هناك مؤامرة لوقوعي في هذا الفخ، أو أن الدكتور، دفع بي من حافة رصيف الميناء، لأهوي في بحر عميق لست مؤهلا للغوص فيه. هلوسات تتداخل مع تفسير هذا الفضاء الجديد.
إنني متأكد تماما، وعلى يقين، أنه ليس بحلم، وإنما عالم آخر انتقلت اليه. المرعب فيه أنك تدخله للمرة الأولى وبدون استئذان.
التجربة الثانية مع الكيتامين، كانت جرعة 60 ملي غرام، تناولتها بشكل منقط بطئ عن طريق الوريد (ليس كدفعة واحدة كما المرة الأولى)، بنفس الشاكلة التي تعطى للمغذي. لم أشعر بملامح هذه التجربة. كانت سريعة بدون نفق، وعشت تجمد المكان والزمان بشكل مخفف، وحين استفاقتي الكاملة، كنت أطالب بجرعة إضافية كي أستطيع دخول ذلك العالم كما المرة الأولى. شعرت أن مقدار الاكتئاب الذي انطفئ ربما يعادل عشرين بالمائة من مقدار الاكتئاب الأول، وكنت محبطا لماذا لم يزول الاكتئاب تماماً.
التجربة الثالثة مع الكيتامين كانت الأخيرة والمرعبة، والتي اتخذت بعدها قرارا أنني لن أعود لها مرة أخرى. ببساطة، كنت أحتضر وأستعد للموت.
كانت الجرعة المعدة لي 120 ملي غرام، طلبت إيقافها بعد تجرع 80 ملي غرام، وأعطيت لي عن طريق الوريد، بشكل منقط (مثل التجربة الثانية).
المثير في هذه التجربة، أنه بعد مرور نصف ساعة لم أدخل في حالة عدم الوعي التام، والانفصال عن الواقع. طلبت بعدها زيادة سرعة التنقيط، وانتقلت للرحلة بعد دقائق معدودة.
لقد شعرت بشكل جلي، طفو روحي فوق جسدي، وقد انتزعت بالكامل من جسدي. لقد تجمدت والزمان والمكان مجددا، وعادت كما التجربة الأولى، وشعرت أنني في مواجهة الموت أو على وشك الموت. لقد تجرعت الوحدة بمقدار لا يصدق. هدوء يعمر المكان، لا يسمع فيه إلا صوتي الذي لا يسمعه الآخرون.
المؤلم في التجربة، أنني دخلت في العالم الثاني، بشكل بطئ جداً قاتل ومؤلم.
لقد عشت وحشة قاسية، كنت انتظر فيها لطف الله ورحمته. شعرت بنعمة الوجود في العالم الذي خلقنا فيه، وهي نعمة عظيمة جداً، وقد كنت أقلل من أهميتها في السابق. لقد شعرت بصدمة روحية عنيفة، وتلمست روحي بعيدا عن الجسد، أي شعرت بها بشكل واضح. وحين استفاقتي الكاملة، شعرت أنني ولدت من جديد، فقد استطعت بثقل الخروج من ذلك العالم..كنت أبكي من شدة التجربة.
لقد أحدثت تلك الصدمة، أثرا مصيريا في حياتي لازلت أشعره به الآن. مرحلة لم أعشها من قبل في حياتي. لقد انفتحت لي بوابة، أعادت لي تفسيري وارتباطي بهذا العالم، فلسفتي للوجود. لقد تعمق ارتباطي بالخالق، وشعرت أن إيماني بالله للتو قد بدأ، وما سبق كان سطحيا جداً.
لأكن دقيقا أكثر، لا أستطيع تصنيف تجربتي أنها تجربة كاملة لحالة الاقتراب من الموت، أو انتقالي للعالم الآخر الذي ينتظرنا، أو دخلت النفق الذي يؤدي للحياة السرمدية التي تنتظرنا، أو عالم الآخرة. كلما أستطيع وصفه بدقة، أنني دخلت في عالم جديد بقوانين مختلفة (انعدام الزمن وتجمد وثبات المكان)، في غياب كامل لوجود الجسد.
ان مقدار استفادتي من التجربة أعلى بكثير من مستوى استفادتي من شفائي من الاكتئاب. أقصد أنني تعافيت من الاكتئاب بشكل ملفت في التجربة الأولى وأنه دواء ناجع، على الأقل بالنسبة لي، لخنق الاكتئاب والتخلص منه. استفادتي الروحية، أضاءت لي معاني جديدة للوجود، وتعمقا أكثر لإدراك العالم من بعد جديد، ينتفي فيه الوجود المادي.
لقد شعرت بتفاهة هذا العالم، ارتباطاتنا المادية، وصرت تواقا للوجود الأبدي.. لكن بالتأكيد لن أعيد تجربة الكيتامين مرة أخرى. إنني مستعد للتكيف مع مرضي والأدوية، في مقابل دخولي عالم غير مادي لست مستعد له الآن على المستوى الروحي.
لا أعني بكلامي أنني أحرض على عدم الدخول في تجربة الكيتامين. هي تجربة تستحق الخوض للخروج من ألم الاكتئاب، وتجريب الأدوية للوصول للدواء النافع، وحسب التجارب العلمية للذين مروا بالتجربة، فإن كيفيتها وشدتها تختلف من شخص لآخر، بناء على تكوينه العقلي والمعرفي وتجاربه السابقة في الحياة. إنه خيارك وحدك مع طبيبك، لتجربة الكيتامين من عدمه.
لقد حفزت فيني هذه التجربة، اكتشاف ذاتي من جديد، وبدا لي واضحا مدى فقري الروحي، وأن هناك مراتبا في الوجود لا يمكن للعقل البشري أن يصلها أو يدركها، وما مررت به ربما يكون انكشاف محدود جداً لما وراء الطبيعة.
Forbidden403
retweetp1@gmail.com