ثالثاً: لما فتح المسلمون خيبر وانتصروا على أهلها أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم على المسلمين فقال له رجل يا رسول الله إعدل فقال له رسول الله: ( ويحك فمن يعدل إذا لم أعدل فقد خبت إذا وخسرتُ إن كنت لا أعدل). فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ألا أضرب عنقه فإنه منافق فقال صلى الله عليه وسلم: (معاذ الله أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى).
ولقد بلغت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم المدى فى رعاية المسلمين وغيرهم بالرحمة والعدل والحلم والعطف حتى إنه ضرب المثل الأعلى فى هذه المعانى السامية، فقد قال فيه الحق تبارك وتعالى:
﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾.
[ الآية :107 الأنبياء].
صلوات الله وسلامه على الرحمة المهداة والنعمة التى غمرت جميع العالمين وعلى آله وصحبه وسلم.
رابعا: مرت جنازة على رسول الله وهو جالس مع أصحابه فقام لها النبى صلى الله عليه وسلم وقام معه أصحابه وقالوا يا رسول الله إنها جنازة يهودى فقال: ( أو ليست نفساً!؟إذا رأيتم الجنازة فقوموا).
[ رواه أحمد].
وهذا القيام يعطى صورة حية لاحترام رسول الله صلى الله عليه وسلم للإنسان، وتكريمه له حياً كان أو ميتاً لأن قيام رسول الله لهذه الجنازة تحية وتكريماً لأهلها، واحتراماً لهذا الميت الذى رحل إلى الدار الآخرة بصرف النظر عن دينه وملته، وذلك لأن الإسلام عمق روابط الأخوة الإنسانية العامة بين المسلمين بعضهم مع بعض من جهة وبينهم وبين غيرهم من جهة أخرى.
فما أعظم هذه الآداب العالية، والمكارم السامية التى هدى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع الإنسانى.