منذ حوالي خمس سنوات بدأت في استخدام "gmail".
في ذلك الوقت كانت خدمة بريد "gmail" التي تقدمها جوجل لا تزال خدمة تجريبية، وكانت غير متاحة سوى لبعض الأشخاص الذين حصلوا عليها عن طريق دعوات معينة. في ذلك الوقت كان أحد أصدقاء أصدقائي في اليابان، وقد أرسل لصديقي من هناك دعوة لـ"gmail"، وعن طريق هذا الصديق حصلت على دعوة أنا أيضا، وبذلك صرت من أوائل الناس الذين انتقلوا إلى استخدام "gmail".
في الوقت الذي كان بريد "hotmail" الذي أتعامل معه قبلا يقدم 2 ميجابايت فقط لتخزين الرسائل، قدم لي "gmail" 1 جيجابايت كاملة بشكل مجاني تماما، مع وسائل لأرشفة الرسائل لعدم مسح وفقد أية رسالة على الإطلاق. كان "gmail" فتحا هائلا في عالم مغلق كانت تتجه فيه الإنترنت إلى الدخول في عالم الخدمات المدفوعة مقدما وانتهاء عصر الخدمات المجانية.
أتى "gmail" ليعكس الآية، لتعود الإنترنت بقوة إلى المجانية. في ذلك الوقت كتبت رسالة من بضعة أسطر وأرسلتها لأصدقائي الموجودين في قائمتي البريدية أنعي فيها عالم hotmail المزعج وأبشر بعالم جديد مع "gmail"، التقط هذه الرسالة صحفي في مجلة سطور فنشرها وبنى عليها موضوعا صحفيا إنترنتيا عولميا!
اليوم مضت خمس سنوات على استخدامي لـ"gmail"، وقد زادت سعته إلى حوالي 7500 ميجابايت وما زالت تزيد، بينما ملأت أنا ما يزيد على 80% من هذه السعة! أكثر من 18000 رسالة استقبلتها وأرسلتها مخزنة في بريد "gmail". وبينما لا أكاد أصدق أن خمس سنوات قد مضت، لا أستطيع أن أصدق أيضا كل هذا الكم من المراسلات الذي قمت به. بالطبع ليست كلها مهمة، لكن اللطيف أن كل هذه المراسلات قابعة في ذاكرة "gmail" ومؤرشفة بشكل قابل للبحث في كل كلمة فيها. ترى كيف سيصبح الوضع بعد خمس سنوات أخرى، أو عشر، أو عشرين؟ كم عدد الرسائل التي ستكون مخزنة لدى "gmail" في ذلك الوقت؟
ثم سؤال آخر: ماذا سيحدث لهذا الأرشيف بعد وفاتي؟ هل يمكن توريث حساب البريد الإلكتروني للورثة؟ وهل سيستطيع الورثة قراءة مراسلاتي التي كتبتها عبر تاريخي الإنترنتي الطويل؟ هل يجب عليّ أن أمسح الآن ما لا أريد لأحد أن يعرفه بعد أن أموت؟ وكيف يمكن أن أحمي خصوصياتي المؤرشفة على الإنترنت إذا مت، بينما يمكن لأي أحد أن يدخل على حسابي البريدي باستخدام حاسبي المحمول المخزن عليه كلمات السر؟
لكن ماذا نفعل حقا مع صناديق الموتى البريدية، وحساباتهم على الفيس بوك، والمدونات التي كانوا يكتبونها؟ إلى من يجب أن تؤول هذه الأشياء؟ وهل يجب أن تؤول إلى أحد أم إن من الأفضل مسحها حفاظا على خصوصية وأسرار المتوفى؟ منذ حوالي أسبوع أرسل لي موقع فيس بوك رسالة روتينية يذكرني فيها بعيد ميلاد أحد أصدقائي المسجلين عليه، هذا الصديق كان قد مات في حادث سيارة منذ بضعة أشهر وكان في العشرينات من عمره. رأيت الرسالة وشعرت بألم شديد.
ولهذا بدأ الفيس بوك مؤخرا -بعد أن تخطى عدد مستخدميه 300 مليون مستخدم وبالتأكيد فإن بعضا منهم قد توفوا- باتخاذ إجراءات معينة لتحييد حسابات الموتى؛ بحيث لا يظهرون عند البحث عنهم، بينما يظهرون فقط لدى الأشخاص الذين أضافهم المتوفى من قبل، مع بقاء صفحة الـwall الخاصة بالمتوفى موجودة؛ ليكتب فيها أصدقاؤه ما يريدون في ذكراه. إلا أنه ليس من الواضح كيف يمكن تفعيل هذه الخاصية، وكيف يمكن التأكد من أن صاحب الحساب مات حقا.
أسئلة كثيرة تبرز إلى الوجود مع كل هذا الزخم الإلكتروني الذي يحيط بنا، ومعظمها أسئلة غير مألوفة لم تقابلها الإنسانية من قبل. فمشكلتنا أننا وُلدنا في عصر انتقالي حدث فيه تحوّل في كل المجالات من كل ما هو تناظري analogue إلى كل ما هو رقمي digital. هناك الكثير من الأمور التي لم تُحسم بعد، وما زلنا في انتظار الإجابات.
في ذلك الوقت كانت خدمة بريد "gmail" التي تقدمها جوجل لا تزال خدمة تجريبية، وكانت غير متاحة سوى لبعض الأشخاص الذين حصلوا عليها عن طريق دعوات معينة. في ذلك الوقت كان أحد أصدقاء أصدقائي في اليابان، وقد أرسل لصديقي من هناك دعوة لـ"gmail"، وعن طريق هذا الصديق حصلت على دعوة أنا أيضا، وبذلك صرت من أوائل الناس الذين انتقلوا إلى استخدام "gmail".
في الوقت الذي كان بريد "hotmail" الذي أتعامل معه قبلا يقدم 2 ميجابايت فقط لتخزين الرسائل، قدم لي "gmail" 1 جيجابايت كاملة بشكل مجاني تماما، مع وسائل لأرشفة الرسائل لعدم مسح وفقد أية رسالة على الإطلاق. كان "gmail" فتحا هائلا في عالم مغلق كانت تتجه فيه الإنترنت إلى الدخول في عالم الخدمات المدفوعة مقدما وانتهاء عصر الخدمات المجانية.
أتى "gmail" ليعكس الآية، لتعود الإنترنت بقوة إلى المجانية. في ذلك الوقت كتبت رسالة من بضعة أسطر وأرسلتها لأصدقائي الموجودين في قائمتي البريدية أنعي فيها عالم hotmail المزعج وأبشر بعالم جديد مع "gmail"، التقط هذه الرسالة صحفي في مجلة سطور فنشرها وبنى عليها موضوعا صحفيا إنترنتيا عولميا!
اليوم مضت خمس سنوات على استخدامي لـ"gmail"، وقد زادت سعته إلى حوالي 7500 ميجابايت وما زالت تزيد، بينما ملأت أنا ما يزيد على 80% من هذه السعة! أكثر من 18000 رسالة استقبلتها وأرسلتها مخزنة في بريد "gmail". وبينما لا أكاد أصدق أن خمس سنوات قد مضت، لا أستطيع أن أصدق أيضا كل هذا الكم من المراسلات الذي قمت به. بالطبع ليست كلها مهمة، لكن اللطيف أن كل هذه المراسلات قابعة في ذاكرة "gmail" ومؤرشفة بشكل قابل للبحث في كل كلمة فيها. ترى كيف سيصبح الوضع بعد خمس سنوات أخرى، أو عشر، أو عشرين؟ كم عدد الرسائل التي ستكون مخزنة لدى "gmail" في ذلك الوقت؟
ثم سؤال آخر: ماذا سيحدث لهذا الأرشيف بعد وفاتي؟ هل يمكن توريث حساب البريد الإلكتروني للورثة؟ وهل سيستطيع الورثة قراءة مراسلاتي التي كتبتها عبر تاريخي الإنترنتي الطويل؟ هل يجب عليّ أن أمسح الآن ما لا أريد لأحد أن يعرفه بعد أن أموت؟ وكيف يمكن أن أحمي خصوصياتي المؤرشفة على الإنترنت إذا مت، بينما يمكن لأي أحد أن يدخل على حسابي البريدي باستخدام حاسبي المحمول المخزن عليه كلمات السر؟
لكن ماذا نفعل حقا مع صناديق الموتى البريدية، وحساباتهم على الفيس بوك، والمدونات التي كانوا يكتبونها؟ إلى من يجب أن تؤول هذه الأشياء؟ وهل يجب أن تؤول إلى أحد أم إن من الأفضل مسحها حفاظا على خصوصية وأسرار المتوفى؟ منذ حوالي أسبوع أرسل لي موقع فيس بوك رسالة روتينية يذكرني فيها بعيد ميلاد أحد أصدقائي المسجلين عليه، هذا الصديق كان قد مات في حادث سيارة منذ بضعة أشهر وكان في العشرينات من عمره. رأيت الرسالة وشعرت بألم شديد.
ولهذا بدأ الفيس بوك مؤخرا -بعد أن تخطى عدد مستخدميه 300 مليون مستخدم وبالتأكيد فإن بعضا منهم قد توفوا- باتخاذ إجراءات معينة لتحييد حسابات الموتى؛ بحيث لا يظهرون عند البحث عنهم، بينما يظهرون فقط لدى الأشخاص الذين أضافهم المتوفى من قبل، مع بقاء صفحة الـwall الخاصة بالمتوفى موجودة؛ ليكتب فيها أصدقاؤه ما يريدون في ذكراه. إلا أنه ليس من الواضح كيف يمكن تفعيل هذه الخاصية، وكيف يمكن التأكد من أن صاحب الحساب مات حقا.
أسئلة كثيرة تبرز إلى الوجود مع كل هذا الزخم الإلكتروني الذي يحيط بنا، ومعظمها أسئلة غير مألوفة لم تقابلها الإنسانية من قبل. فمشكلتنا أننا وُلدنا في عصر انتقالي حدث فيه تحوّل في كل المجالات من كل ما هو تناظري analogue إلى كل ما هو رقمي digital. هناك الكثير من الأمور التي لم تُحسم بعد، وما زلنا في انتظار الإجابات.