هل سبق لك أن طرقت أبوابا كثيرة فلم تفتح ؟ ثم أعدت النظر في مشكلتك فلم تجد لها حلا سوي أحد تلك الأبواب فأعدت الطرق عليها ولم تفتح أبدا ؟
حتي ظننت أنه قد يكون هناك حلا لمشاكل كل البشر إلا أنت ، وتكلمت مع من يهمه أمرك أو حتي مع نفسك وقلت ( كيف ستحل ؟ مقفلة من كل ناحية ، لقد فعلت المستحيل وقلبتها علي كل وجه )
عندما تصل لهذه النقطة تتجه أخيرا للباب المفتوح دوما والذي لا يغلق في وجه قاصده أبدا ، تتجه لرب العالمين بالدعاء والطاعات والذكر ، بالتوبة والاستغفار ، بالتسليم الكامل والتام ، بخضوعك للمشيئة الإلهية وأنت تردد ( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي ) وتتذكر موقف سيدنا إسماعيل الذبيح ، حين استسلم تماما للمشيئة الإلهية وقال لأبيه : وهو يضع رقبته تحت السكين ( ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين )
وكما نجي الله سبحانه وتعالي إسماعيل من الذبح بعد هذا الاختبار الرهيب ، تجد أنت أيضا حلولا لمشكلتك لم تخطر لك من قبل علي بال ولم تتوقعها أبدا .
هذا ما حدث مع( بثينة ) رزقها الله خمس بنات ولم يرزقها الولد وكان زوجها رجلا صالحا ومحسنا كريما ولكنه لم يصمد في سوق التجارة بعد المتغيرات الكثيرة التي لم يستطع ملاحقتها وأشهر إفلاسه مما أصابه بصدمة عصبية وتكالبت الأمراض عليه ، وهكذا فوجئت زوجته بالوضع الجديد ، بعد أن اعتادت العيش في رغد ورفاهية وبعد أن كان زوجها مقصدا لأصحاب الحاجات قذفت بها رياح الأيام وتقلباتها إلي هاوية الاحتياج والمعاناة وعاشت لتري الوجه الآخر للحياة عندما تكفهر وتظلم .
الخطوة الأولي كانت تغيير مستوي المعيشة ، شقة صغيرة بالإيجار بدلا من الفيلا ومدارس حكومية بدلا من الخاصة ، مواصلات بدلا من السيارة وهكذا حتي وصلت إلي حد الاكتفاء بالحد الأدني من الطعام والشراب والملابس ، كل ذلك ابتلعته الديون وبصعوبة ومعاناة شديدة لم يعد زوجها الحاج عبد الله مهددا بالسجن ، وبالرغم من كل شئ إلا أنه كان هناك عملاء كرام تنازلوا عن مستحقاتهم لوجه الله تعالي وهناك من قال لها سأحتسبه من زكاة مالي ، وهكذا أنهت بثينة الجولة الأولي .
كان عليها بعد ذلك الحفاظ علي البنات من الانهيار والكفاح للاستمرار حتي تكتمل الرسالة ولكن كيف تخوض تلك المعركة وهي مجردة من الأسلحة ؟
لم تستطع الحصول علي عمل فقد جاوزت الأربعين ولم تعمل قط طيلة حياتها وهي لا تمتلك إلا مهارات ربة البيت ، البنات أكبرهن ما زالت طالبة في السنة النهائية بكلية الآداب وأصغرهن في المرحلة الإعدادية ، منذ فترة وهي تبيع كل ما يمكنها بيعه من ذهب وتحف حتي لم يعد في البيت إلا الضروريات ، كانت تقلبها في رأسها كل ليلة حتي يرحمها الله بغفوة النوم .
قالت لنفسها سأعمل في حدود يومي ، وكانت تبذل كل مافي وسعها لبث العزيمة في نفس البنات حتي أنهن حققن بالفعل تفوقا ملحوظا لم يحققنه من قبل أيام العز والدروس والمدارس الغالية ، كما أنها غرست في نفس البنات التمسك بالدين والخلق والاعتداد بالنفس حتي لا ينكسرن أمام العواصف التي هبت عليهن ، ونجحت في ذلك حتي أشاد الجميع بهن .
وعندما فرغت كل حيلها ومدخراتها وذهبها واستسلمت تماما لقدر الله جاءها الفرج من حيث لا تحتسب ، زارتها صديقة قديمة كانت قد نسيتها في خضم الأحداث وكانت مسافرة للخارج وزوجها لفترة طويلة ، ولما كان زوجها هو أول شريك للحاج عبد الله في تجارته منذ زمن بعيد ، فقد كان الرجل كريما حتي أنه حسب رأس المال الذي منحه إياه الحاج عبد الله في ذلك الوقت واعتبره وأرباحه دينا واجب السداد لأسرته في شكل مبلغ شهري ، أما البنات فرغم أنهن لا يتميزن بجمال لافت أو مميزات غير عادية إلا أن الله سبحانه وتعالي رزقهن أزواجا صالحين يقدرون الظروف وتمت زيجاتهن بتوفيق وتيسير غير عادي .
قالت لي بثينة وهي تبكي حمدا وشكرا لله ( كلما جاء عريس لإحدي البنات يقول نفس الجملة : عندما رأيتها شعرت أن الله سبحانه وتعالي يوجهني إليها هي بالذات )
المال والنفوذ والصحة والقوة والنجاح ليست كل شئ ، الأهم هو مافي متناول الجميع العمل الصالح والتوكل علي الله والدعاء ، وعندما تغلق في وجهك الأبواب توجه بقوة للباب المفتوح .
إقرأ ايضا
مقال اعجبني - الزواج يأتي أولا
مقال اعجبني - الجانب النفسي للحجاب
مقال اعجبني - البحث عن عريس
مقال اعجبني ـــــ ينقصني ... شئ
مقال أعجبني - صناعة الجمال
مقال أعجبني - حب من طرف واحد
مقال أعجبني - ليس بالدِّين والخُلُق وحدهما
مقال أعجبني - ست البيت
مقال أعجبني - مشروع صداقة
مقال أعجبني - بكرٌ.. أم ثيِّب؟
مقال أعجبني - الهروب إلي الحب
مقال اعجبني - الزواج يأتي أولا
مقال اعجبني - الجانب النفسي للحجاب
مقال اعجبني - البحث عن عريس
مقال اعجبني ـــــ ينقصني ... شئ
مقال أعجبني - صناعة الجمال
مقال أعجبني - حب من طرف واحد
مقال أعجبني - ليس بالدِّين والخُلُق وحدهما
مقال أعجبني - ست البيت
مقال أعجبني - مشروع صداقة
مقال أعجبني - بكرٌ.. أم ثيِّب؟
مقال أعجبني - الهروب إلي الحب