الاعتراف الخامس
(يوم بلا نهاية)
وكأن الدنيا توقفت عند ذلك اليوم..وكأنه بلا نهاية..لا أتذكر منه سوى صوت المرأة الحديدية وهى تصرخ :"بعد ما تنضفى البيت جهزى العجين" ، وصرخت فى نفسى ..ياالهى !!ان ظهرى يؤلمنى بشدة ،ماذا أفعل لكنى لم أجرؤ على الرفض ،فأنا لم أعتد كلمة لا.
وانتهت أعمالى وأنا أحس بزفراتى المكلومة وكأنها تحارب كي تخرج من رئتى ،لا أعرف ماذا أفعل ؟ ،وانفردت بنفسى عند غروب الشمس..
أعترف اليكم ..
أنى وجدت فى المراة وجها لا أعرفه ،وجه امرأة ليست هي أنا ،انها شبح ات من مكان ما ،ياالهى!ماذا فعلت بنفسى ؟؟ماهذا الشحوب الذى يفتك بوجهى؟؟هل هذه هى أنا؟؟
أعترف اليكم ..
أنى رايت فى تلك اللحظة وجه امرأة عمرها الاف السنين ،حقا لم أعد أعرفها..وسمعت الباب يصفع من جديد..لابد أنه الزوج الغائب عن الحياة ..يقبل ناحية الغرفة فتقبل معه زفراتى المكلومة ،وارتعاشات جسدى المنهك.
أعترف اليكم ...
تلك اللحظة مرت كأنها ساعات ..يقترب منى حاملا فى عينيه نظرات مختلفة..ليست تلك النظرات نظرات الرغبة السادية ،لكنها نظرات أخرى...لم أكد أفهمها حتى هوت يده على وجهى ،فأتبعها جسدى المتهاوى الى الأرض.
أعترف اليكم ..
وكأننى خرجت من الأرض ..الصور من حولى غائمة الملامح ،عائمةالمنظر،وأنا أسائل نفسى :ماذا فعلت لكل هذا؟؟ ، ولم أكن أدرى أن المرأة الأخرى قد أوغرت نفسه بأشياء لا أعلمها حتى الأن ، ولا أريد أن أعلمها ، وسقطت على الأرض كما يسقط الحيوان المذبوح..كل ما أدركته تلك اللحظة خوفى الفطري على تلك الروح التى أحملها فى أحشائى..
وصرخت :لماذا تفعل ذلك ؟؟لكنه أحب ان يسمع أمه صوته الرجولى فاستمر فى ايذائى حتى أيقنت أنها النهاية..
أعترف اليكم...
أننى كنت أسقط من مكان عال أهوى الى مكان سحيق ، أصرخ: شفتاى ، أنا عطشانة ،أعطونى قليلا من الماء رأسى يؤلمنى ،الحمد لله.. يارب ،وفتحت عيناى وكل من حولى يبكون..
ياالهى لا ..أين أنا ..واقترب الطبيب يتحسس نبضى ،ووضعت يدى على بطنى فأيقنت أننى قد فقدت طفلى..
أعترف اليكم ...
يوم أخبرنى الطبيب بحملى كأنه اخبرنى بموتى ،لكن الروح التى تسكن احشائى كانت تدب الامل فى قلبى ،شئ لا تعرفه الا النساء ، فطرة الله ،لقد عشت ايامى المتعبة أبث هذا الجنين ألمى ..لقد عاش معى ساعاتى المملة ، الامى المبرحة ..عاصر قلبى المكلوم ،كم شكوت اليه تعاستى...الان فقدته للأبد وفقدت معه أخر أمل للحياة..
أعترف اليكم ..
اننى اكره تلك (القبيلة)البربرية أشكو ألمى الى الله ،كلمات الطبيب لاتزال فى أذني :"خيرها ف غيرها ،بكرة تجيبى غيره ،انت لسة صغيرة والفرصة قدامك كبيرة.."..
"صغيرة"دوت هذه الكلمة فى نفسى الان عمرى كعمر التماثيل الحجرية ..و فقدت النطق ثلاثة أيام..أرى فى عيني تلك المرأة الفرحة بامتلاكها الكامل لابنها..لا شئ يعنيها سوى سلطتها المطلقة فى ذلك البيت الذكورى.
أعترف اليكم..
أنى لم أعد تلك الطفلة التى خرجت من بيت أبيها ، اننى تلك المراة التى تحمل داخلها اعصارا كامن ، لقد تحرك داخلى ذلك البركان الذى يتمخض منذ زمن طويل ...وقفت فى وجه العائلة والتقاليد والناس والمجتمع وصرخت باعلى صوتى :"أبى الان فقدت طفلى والان اريد الطلاق"!!!
انتظروا الاعتراف القادم بعد رمضاان ان شاء الله..
كل رمضان وانتم بخير ويمن وبركة.